بين عامي 1986&و1989, كانت مياه الخليج تعيش نفس التوترات الحاصلة اليوم جراء تهديد&الإيرانيين للملاحة البحرية. وكانت الولايات المتحدة تريد تأمين ناقلات النفط المتجهة من الكويت حتى تخرج من عنق الزجاجة "مضيق هرمز" بشكل&يضمن&وصولها&إلى العالم كجزء من حماية المصالح الأمريكية. وحصل أن بدأ ما يعرف بـ حرب الناقلات&Tanker War&خلال&تلك الأعوام الثلاثة حيث استمرت الأعمال التخريبية التي طالت ناقلات&النفط،&وبدورها&كانت توجه&الولايات المتحدة ضربات عسكرية محدودة إلى إيران طالت زوارق حربية ومنصات مسؤولة عن الهجمات التخريبية.

وحين مناقشة دور وتأثير&الصراع الأمريكي الإيراني&تجدر الإشارة إلى&أن الولايات المتحدة لم تقم يوما بحرب موسعة أو شاملة مع&إيران،&بل كان منهج الولايات المتحدة الدائم في التعامل مع إيران&عسكريا هو&توجيه&ضربات محدودة&تطال&مصادر التهديد&فقط،&كضرب البطاريات أو الزوارق التي انطلق منها التهديد تجاه المصالح الأمريكية.&

ومن جانب آخر، فإن&مفهوم الصراع بين الدولتين يأتي في سياق منظومة كبرى من المصالح والمبادئ السياسية التي تنتهجها الولايات&المتحدة،&ومن أهم ما يمكن ذكره هنا هو الإمدادات&النفطية،&حيث&المساس&بها&خط أحمر "لم" تتوانى الولايات المتحدة عبر تاريخها الحديث في الدفاع عنه بالقوة.&ومعدخولنا اليوم الشهر الثالث من بدء صراع&الناقلات،فلا شيء يمكنه وقف هذا التأثير&عالميا،&إذ 30% من صادرات النفط للعالم تخرج من مضيق هرمز.&

في واقع&السياسة،&تعيش الدول في سياقات شبكية وغير&منفصلة،&فما يقع خارج حدود&الدولة أو بعيدا عنها&لا يعني بالضرورة أنها لن تكون طرفا فيه. يقول السياسي اليوناني&الأثيني&بيركليس&والذي عاش بين عامي 429&و495&قبل الميلاد " فقط&لأنه ليس لك مصالح في&السياسة،&فإنه لا يعني أن السياسة ليس لها مصالح فيك".&ومن&أمثلة&تأثير هذا&الصراع؛فإن&بريطانيا قد تجد&نفسها&اليوم مرغمة&على الدخول في صراع الناقلات بعد احتجاز&ناقلة نفطبريطانية في مياه الخليج ورفع العلم الإيراني&فوقها،وهو الأمر الذي ربما يعيد تشكيل&التمحورالبريطاني الأمريكي&على هيئة&توحد المواقف كما كان&في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ورئيس الوزراء&البريطاني&توني&بلير.&ومع وصول بوريس جونسون اليوم لسدة رئاسة الوزراء&البريطانية،&فإن من المرجح أن&المياه الدافئة بين لندن وواشنطن&ستعود&مرة&أخرى&نظرا لوجود&انسجاماتلوحظت بين توجه الرئيسين في السابق.&وكانت تقارير قد أشارت إلى أنه من&المفترض عمليا أن البريطانيين&وهم&أحد أهم&تشكيلات المصالح الغربية في الخليج&قد فقدوا&القدرة على حُكم وإدارة&المياهنتيجة لتخفيض أعداد القطع&الحربية بشكل غير&مسبوق. وفي سياق&هذه المقارنة،&فإن&بريطانيا&-وفقا لتقرير&سابق لرويترز- دفعت&في عام 1944 بـ 900 سفينة حربية فقط لحماية القناة الإنجليزية ودعم حلفائها في مواجهة&النازيين،&واليوم فإن مجموع ما تمتلكه&البحرية البريطانية هو 77 قطعة حربية مختلفة الأنواع.&إذن،&فمثل هذا الصراع قد&يدفع بتشكلات&جديدة لدوافع سياسية واقتصادية.

أما الوجه الآخر من هذا&الصراع،&فهو&الذي&يأتيأكبر من إيران&نفسها،&وهو مجابهة الولايات المتحدة للنفوذ الشرقي الذي تتزعمه روسيا تحديدا ثم&الصين وتمثل إيران&أحد&أوجهه&وهو العمل على إسقاط الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية الأمريكية.&ولذلك،&فمن&المحتمل&أن خيارات الولايات المتحدة&العسكرية تتمثل&في&محورين،&أولاهما&العمل&ضمن أسلوب هذه بتلك! "Tit for Tat" فكما أسقطت إيران&الدرون&الأمريكي،&أسقطت&الولايات المتحدة&درونا&إيرانيا في&مقابله الأسبوع&الماضي، وهو المحور الذي&غالبا لن&يتغير&كثيرا عن&سيناريو حرب الناقلات بين عامي 86&و89, ولن يؤدي بدروه إلى إسقاط النظام الإيراني.

أما المحور&الآخر&فهو&أن تكون الحرب على إيران شاملة لإسقاط النظام الإيراني وضمن سياق الحرب على النفوذ&الروسي،&ما يعني&أن من المحتملاستخدام أسلحة&ردع&لإجبار إيران على الانحسار&الفوري كي لا تتمكن من نقل الحرب لدول مجاورة&كالخليج،&وفي هذا السياق&فمن&المحتمل&أيضا&مواجهة&التواجد&الروسي&العسكري في دولة مثل سوريا&كجزء من إعادة فرض الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط.