لا مناص اذا بقيت آله الحكومة صامتة ولا جواب لها غير القتل والكذب والخداع.&لكي يبقى النصب في مكانه عاليا في ساحة التحرير& رمزا لحرية العراق كله&لابد من تغيير كامل&:&الحكومة والبرلمان& و رئاسة الجمهورية& وكل ما يدخل في هيكلية النظام من مِؤسسات& فاسدة&؟لابد من انقاذ الدولة العراقية وشعبها،&ماديا و معنويا كي يستمر العراق بلدا واحدا بشعب واحد متعدد الملل والنحل.&خمسة اسابيع اثبتت عدم قدرة& كل هذه الهياكل على& ايجاد حل او هدنة او حوارا مع غالبية الشعب.&الفساد واضح&،&علني&،&مشرّع& بطريقة تسلطية،&مافيوية&،"&عصابجية&"&ويبدو أنّ&"&الرئاسات الثلاث وملحقاتها&"&مازلت مصرة على الامساك بالنواجذ على امتيازاتها غير المشروعة وغير المشرّعة&الا&في دولة العراق.&كـأن شيئا لم يتغير &فالشعار الذي اطلقه حزب البعث حين سرق السلطة في ليلة ظلماء من ليالي& تموز& 1968&"&جئنا لنبقى&"&&مازال هو شعار احزاب&المافياتالتي تداولت فيما بينها السلطة&،&بأسم&الانتخابات& منذ&الأحتلال&وما بعده. نعم كل هؤلاء الذين يحكمون العراق&،& رجالا&ونساءا&مصرّين على البقاء واللعب على حبال سياسة كانت وما تزال دون أي منطق او ضمير&.&الشعب&،&بالنسبة لهم&،&ليس&الاعذرا&للحكم&والادعاء بتسيير مقاليد دولة يخربونها يوما بعد يوم.
هل علينا أنْ&نتسائل&اليوم&:&أكنّا أكثر حرية في زمن& صدام&؟&يبقى الجواب صعبا وملتبسا&.&كانت الاغلبية تعرف في الصمت الذي دونه الموت&انها تعيش تحت&عسف&نظام ديكتاتوري&فاشي&عائلي وتنتظر من القدر او التاريخ خلاصا منه.&اليوم&،&في هذا الوهج الملوث بالدم فأن الآلاف من العراقيين يسألون انفسهم هذا السؤال& المر.
بلغت وثبة العراقيين& هذه&مديات&لم تصلها &أي وثبة&احتجاجية،&مقاومة،&في تاريخه المعاصر&.&الشعب&،الشبان والشيوخ والبلاد برمتها&،&كل منهم بطريقته&،يدفعون اثمانا&باهضة&من الدم والأمل& والحياة اليومية&،كل ساعة&&وباصرار،&بينما الرئاسات الثلاث&،&مشغولة&بأبتكار&اكاذيب&واعذار&وانشغالات&مهددة تارة& ومسكنة& تارة اخرى&.&كل الشعارات،&هذه الأيام&،&تنطبق على السلطة حتى الأكثر سوقية بينها.
اذا اختصرنا وثبة العراقيين فأن&مطاليبها& في كلمتين&:الكرامة والحرية& بما تعنيهما هاتان المفردتان وليس كما تصورهما الحكومة&مطلبان هما قطبا رحى كل حياة في كل بلاد.
العالم&كله،&الأصدقاء والأعداء اعترفوا& بمشروعية المطالب التي تنادي&بها&التظاهرات منذ لحظتها الاولى بداية تشرين الماضي.&العالم ومنظماته الدولية& وضعوا العراق&،&ومنذ سنوات بين اول الدول الفاسدة&:&تنفيذيا وتشريعيا وقضائيا وعسكريا...الخ&.&الشعب يدفع الثمن& فقرا وعوزا&وقنوطا&ويأسا منذ سقوط نظام صدام بأيد امريكية وليس بأيد من هم على رؤوس السلطات الثلاث اليوم.عقد ونصف من اهدار للثروات الوطنية وسرقتها،&على قدم وساق&،&في وضح النهار وعتمة الليل.التشكيلة المجتمعية العراقية تغيرت كليا&&منذاك،&&إما فقراء&وإما اثرياء جدُد.&والحكومات المتعاقبة تضع اللائمة طورا على&الأرهاب&وطورا على ارث حقبة صدام.&عقد ونصف& والشباب&العراقي الذي يعيش في ثان منتج للنفط في العالم مازال يدفع عربة خشبية بايده،&لايساعده&في سحبها لا بغل ولا حمار&&،&في مشهد ذل يخجل منه كل من احب هذه البلاد.
نعم&.&آن الاوان ان يرحل كل هؤلاء الذين& عصفوا بما تبقى من العراق الذي تركه النظام البائد حطاما للنفوس والعمران&اليوم في مفترق الطرق الذي هو الوثبة العراقية&لن تجدي نفعا تحميل انطلاق هذا البركان لقوى خفية&شرقية وغربية. لعلّ من الممكن&،&في&الضروف&التي&عاشها&العراق&ويعيشها اليوم أنْ يكون للقوى الخفية دور&،&لكنه ليس الدافع الاول لهذا الاحتجاج الشعبي الكاسح&ليس مستبعداً أنّ يكون للولايات المتحدة&واسرائييل& وبعض دول الجوار&،&مثل ايران أو السعودية أو تركيا&،&الدول التي &لم تكف عن التدخل في شؤون العراق الداخلية،&يد في دفع جانب من الأحداث الى واقع مؤلم&،&لكنّ الواقع التاريخي يقول&:ان القلاع تؤخذ من الداخل&؟&ان الداخل العراقي&،&في مستوى السلطات كلها فاسد&ومنخور& واثبت انه غير قادر على حل أي مشكلة& لا مع الجيران ولا العالم الخارجي ولا مع شعبه&.&سلطات& استحوذت على كل موارد البلاد بخدعة ديمقراطية وتركت الشعب بتعبير عراقي&"&يكعد&عل الحديدة&"&.&هذه الحديدة هي التي اشعلت النار في هشيم هذه البلاد.
ها هي الحديدة اليوم& وقد صارت حامية وستحرق كل من اوقد النار في بلاد النخيل.
استسلام&"&السلطات الثلاث وملحقاتها&"&للشعب ووضع نفسها امام سلطة قانون الشعب نفسه هو الحل الوحيد&لأنقاذ&البلاد من التشرذم الى دويلات مناطق&واحياءوقرى وقصبات&تحكمها عصابات&اخرى&الغلبة فيها للأقوى&لعل هذه هي تمنيات بوش الأب حينما صرح قبل ربع قرن بأنه سيعيد العراق الى العصر الحجري؟
سياسة الحكومة العراقية في هذه البرهة التاريخية& ينطبق عليها مثل أُمّي حينما&تشتم الطلقاء من الناس بقولها&"&كوادة&ولحم جاموس&"&بقيت العلاقة بين المفردتين&غامضة&بالنسبة لي اكثر من نصف قرن&،لكني&بدأت افهمها الآن&وانا&افكر&في السلطة التي تحكم بلادي الأم.
التعليقات