بالطبع لا بل وبالضرورة أن يقف العرب كلهم إلى جانب مصر ومعها بالنسبة لموضوع :"سد النهضة" الذي أثارته أثيوبيا فالواضح أن هناك إستهدافاً لهذه الدولة التي هي أكبر دولة عربية وأنه وعلى هذا الأساس لا بد من دعهما بـ "شبكة الأمان" التي تريدها ومع الأخذ بعين الإعتبار دائماً وأبداً إستبعاد أي حلول عسكرية فهذه الدولة الأفريقية كما نعرفها كان بالإمكان التعامل معها كدولة شقيقة ولأسباب تاريخية معروفة ولأنه ربما تكون غالبية سكانها من أصول يمنية.

والمعروف أن هناك مقولة قديمة جداًّ، ربما أنها تعود للفترات الفرعونية البعيدة ، تقول: "إنّ مصر هبة النيل" وهذا يعني أنه لا يجوز المس بمسارات التاريخ وأن هذه القضية بالنسبة لشعب مصر إن في الحاضر وإن في المستقبل هي قضية حياة أو موت وأنه غير جائز لـ "الأشقاء الأثيوبيين" التلاعب بهذه القضية المصيرية بالنسبة لأكثر من مائة مليون مصري من الممكن أن يصبحوا لاحقاً ضعف هذا العدد لا بل وأكثر كثيراً.
ربما أن هناك بعض "المنطق" في ما تدعيه أثيوبيا وتقوله وهذا يعني أنه يجب أن يكون حل هذه المسألة، التي يرى كثيرون أنها معقدة بينما هي في حقيقة الأمر ليس كذلك، بالتفاهم وبروح الأخوة الصادقة والتاريخ المشترك الطويل وعلى أساس أن مصر ليست وحدها "هبة النيل" وإنما "الحبشة" والسودان أيضاً مما يستدعي أن تكون الحلول لهذه المسألة على هذا الأساس وأن المياه في هذا المجرى التاريخي هي لهذه الدول الثلاثة كلها.

وهنا فإنه لا بد من القول وبكل صراحة أنه لا يحق للسودان، هذه الدولة العربية، التي لها ولشعبها الشقيق كل الإحترام والتقدير، أن تنحاز وبهذه الطريقة إلى اثيوبيا وأن تعلن دعمها لها على حساب الشقيقة مصر وإذ أن بإمكانها أن تلعب دوراً في دفع المصريين والأثيوبيين للعودة إلى المفاوضات وحل هذه المسألة على أساس العلاقات التاريخية الأخوية والمصالح المشتركة.

وهكذا وفي كل الحالات فإنه يجب إستبعاد أي مواجهة ساخنة بين دولتين هما عملياً وفعلياًّ شقيقتين وهنا وفي هذا فيجب أن يكون أي تدخل عربي "إصلاحياًّ" وعلى أساس أنه كما أن السودان دولة شقيقة فإن "أثيوبيا" وبالمقدار ذاته هي دولة شقيقة أيضاً وأن النيل بقي وعلى مدى حقب التاريخ عامل تقارب بين هذه الدول التي بقيت تعيش على مياهه وخيراته وبخاصة هذه الدول الثلاثة الآنفة الذكر.