لبيت دعوة أحد العلماء الروس من أصدقائي على حفل عشاء بمناسبة عيد القيامة المجيد. في هذا الوقت كان الاحتفال بعيد القيامة في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي له قدسية خاصة. قدمت نفسي إلى أحد المدعوين قائلا" أنا حفيد الملك أخناتون". فتغيرت ملامح وجهه فلم أستطع أن أفهم في ماذا يفكر. فكنت أعلم مسبقا أنه ينتمي إلى الماسونية العالمية كما قال لي صيقي الذي عرفنا على بعضنا البعض وطالبني ألا أخبره عن ذلك. حاولت أن أستوضح منه بعض صفات وخصائص هذا العالم الغامض. بيد أنني لم أعرف كيف أبدأ. وأخيراً سألته عن مفهوم قيامة السيد المسيح من الأموات الذي نحتفل به اليوم. فقال إن القيامة ليست كلمة وإنما فعل تغيير أو إن شئت وبما أنك متخصص في الرياضيات الفيزيائية فهو فعل تحويل مثلما تتحول المادة إلى صورة أخرى أو تتحول الطاقة إلى طاقة أخرى. سألته مرة أخرى هل تعتقد في قيامة المسيح من الأموات؟ قال نعم. وفي العهد القديم قام من الموت بعض الناس وقبل قيامة المسيح من الموت قام لعازر أيضاَ. وأضاف إن الخالق العظيم وهب الحياة للبشر ولن يأخذها منهم أبدا. فالموت الجسدي هو حالة تحول من جسم مادي إلى جسم ذو طبيعة أخرى بنفس الروح. ألم تقرأ عن هذا في كتب المصريين القدماء؟ فسألته وماذا عن الكتب السماوية؟ فأجاب كل الكتب السماوية وغير السماوية هي من الخالق العظيم فهو لم ولن يسمح للشيطان أن يضل البشر أو يخدعهم. فلماذا إذن سمح بوجوده؟ كان هذا سؤالي. فأجاب مرة أخرى أنت عالم رياضيات ولا تعرف أن التوازن يستلزم على الأقل وجود قوتين. فلا يمكن تحقيق حالة الاتزان بقوة واحدة. ثم عاد وقال لي أنت ذهبت بعيداً عن سؤالك الأول المتعلق بمفهوم القيامة. دعني أخبرك. أنا أؤمن بأن القيامة فعل تغيير يومي. فالأنسان ينام ثم يقوم، يهزم ثم يقوم وينتصر، يفشل ثم يقوم وينجح وهكذا حتى إذا انفصلت روحه عن جسده يقوم بجسد أخر لحياة أخرى. أدهشتني إجاباته وجعلتني أستفسر من صديقي الروسي عن الماسونية أن كانت ثمة هنالك معلومات لديه. فقال إنهم يعتقدون في كل الكتب الدينية واللا دينية ويعتقدون في مؤلفات أينشتاين ونيوتن والفلاسفة القدماء والمعاصرين ولديهم كتب الفراعنة التي تحتوي على أسرار بناء الأهرامات والتحنيط وعلوم الفلك. إنهم لا يؤمنون بالشرائع الدينية ولا يعتبرون الأديان علوما وإنما نصائح وتعاليم مجتمعية. تذكرت هذا الحوار ونحن في مناسبة عيد القيامة المجيد. خالص التهاني للجميع وللمسلمين قبل المسيحيين فعيد القيامة عيد إسلامي بامتياز حسب نصوص القرآن الكريم حسب فهمي المتواضع ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ ومدام هنالك موت فعندئٍذ القيامة.
ولا يوجد تناقض مع الآية الكريمة “وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ" وذلك لأن اليهود اعتقدوا أنهم تخلصوا من المسيح بصلبة وإنما هيهات أن يحدث هذا لأنه قام من الموت وصعد إلى السماء. ومعنى شبه لهم يعني حسب مفهومي بالعامية "تهيأ لهم" لأن الخالق العظيم ليس بظالم أن يأتي بإنسان بري لكي يصلب عوضا عن المسيح وأيضا أن المسيح يرمز إلى الفداء العظيم حسب العقيدة المسيحية وبحسب فهمي للآية الكريمة "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ". كل عام والأمة العربية والإسلامية بخير.