يظهر أن الحالة الإعلامية حول دور دول التحالف العربي في اليمن تحتاج لتفسيرات "عقلانية" وواضحة للشارع الذي يضلل من أطراف إقليمة تستخدم قيادات في الشرعية وأقلام وحسابات يسيرها "الهواء الإخونجي" رغم شعاراتها الوطنية المزعومة، والتي تسير وفق منهجية لتفكيك التحالف إعلامياً من أجل خلق حالة معارضة له ليس في اليمن بل في دول التحالف، من خلال تصوير "الشرعية دمية بيد الرياض" والانتقالي "داعم لسياسة أبوظبي الخاصة"!

فبعد إعلان القوات الإماراتية عن سياستها في إعادة الانتشار بعد دورها القيادي في تحرير 80% من الأراضي التي سيطرت عليها ميليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية، وقيامها بدعم القوات المحلية في المحافظات الجنوبية لتأمين مدنها بقوة تزيد عن 200 ألف جندي محترف، وتأكيد قيادتها بالالتزام التام بدعم التحالف والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في اليمن.

ظهر تيار "مدعوم من قطر وتركيا" ليس في الشرعية فحسب، يزعم أن القوات التي دربتها الإمارات بإشراف التحالف في "الجنوب العربي" والساحل الغربي" تدين بالولاء التام للإمارات على حساب التحالف والشرعية، وصورت بأنها تعادي السعودية ومصالحها في المنطقة، مع مطالبتهم للرياض باستخدام القوة ضد "المجلس الإنتقالي الجنوبي" الذي يقود "المقاومة الجنوبية" سياسيا وأكثر القوى الجنوبية شعبية دون منافسين، متجاهلين أن المجلس الإنتقالي يضم القوى التي تتحالف مع التحالف وهي العمود الفقري الحقيقي لمواجهة المشروع الإيراني في اليمن والذي انحصر الآن في "شمال الشمال"، وكأنهم يعملون لخلق "حالة عدوانية" ضد التحالف في مناطق الجنوب التي رفضت الحوثي وأظهرت انسجام مع المنطقة سياسيا ومذهبيا ما يعد سور عظيم أمام المخاطر الفارسية في جنوب الجزيرة العربية، ويحمي المصالح المشتركة في "باب المندب" ومنها إلى "القرن الأفريقي" أمام واقع يكثر فية المنافسين والقادرين على أخذ دور دول التحالف في المنطقة في لحظة إعادة تمركز لدول مركزية خاصة الصين وروسيا، والذين ينتظرون فرصة لنتائج الخلافات التي يعمل على خلقها أعداء التحالف بالداخل لشعورهم بفقدان فرصة سرقة الانتصارات على الأرض والتمكن من ثروات المحافظات الجنوبية باستخدام الشرعية على أمل تحقيق "الحلم الاكبر" من خلال منح "ميناء المخاء" لقوات تركية تحمي مشروع "التنظيم الدولي للإخوان في اليمن ودول القرن الأفريقي" رغم إدراكهم لعدوانية "النظام التركي" لدول التحالف وأبناء الجنوب والتي لا تختلف عن المشروع الإيراني!

ما جعلهم يعتمدون إعلاميا منهجية تعمل على خلق "التشتيت الإعلامي" لدول التحالف من خلال شق الصف بوصف المجلس الإنتقالي مكون مدعوم من أبوظبي، ومعاديا للسعودية ومصالها الجيوسياسية، خاصة بعد تعطل "اتفاق الرياض" وإعلان المجلس الإدارة الذاتية للجنوب، مقابل وصف "خلية تتبعهم" للشرعية بأنها تابعة للرياض خاصة في قوة قرارتها ضد الإنتقالي، وبياناتها الإعلامية ضد دور الإمارات "بزعم أنها تضعف دورها في المناطق المحررة من خلال دعم الإنتقالي سياسيا وعسكريا" رغم عدم وجود قوات إماراتية في عدن أو سقطرى بعد إعادة الانتشار قبل أشهر، ما خلق حالة "ولاء سياسي أعمى" لدى "الشارع" مجبرا البعض على اختيار الشرعية والتخلي عن الإنتقالي والعكس، دون تعمق في الواقع السياسي خاصة أن بعض "المختصين في الشأن اليمني سابقا" يظهر أنهم غير مدركين للواقع السياسي والتحولات الفكرية الجديدة في الجنوب والشمال مابعد "عاصفة الحزم" واستشهاد الرئيس السابق صالح، حيث أصبح الحوثي أقل عدوانية في تحليلهم مقابل الإصرار على تلقين متابعينهم عبر منصاتهم الحزبية بخطورة سيطرة قوى تعادي الرياض على مناطق "الجنوب العربي"!

وهو مشهد يخالف أسس دورالتحالف الذي ينص على منع سيطرة الحوثي على اليمن وليس مواجهة قوى حليفة للتحالف ودول الاعتدال العربي بقيادة السعودية، أو فرض واقع لاترتضيه الأغلبية، خاصة أن اليمن يحمل ملفات متداخلة وقائمة على المذهب والجغرافيا في غياب الدولة التي لم يؤسس لها رغم الاستقرار في السنوات الأخيرة ما قبل "الربيع العربي".

وعليه، يبقى أن يدرك الجميع أن المجلس الإنتقالي الجنوبي ليس إماراتياً والشرعية ليست من السعودية وأن التحالف ليس مسؤول عن استمرار الوحدة أو الانشطار لعدة دول، وأن أبوظبي أو الرياض لديهم تحالفات أبقت الوطن العربي متماسك بمعالجة الكثير من الأزمات ما بعد "الربيع العربي" وأن الاختلاف في وجهات النظر ممكنة وقابلة للنقاش ليس في اليمن فقط، مع الاعتراف بأحقية اختيار المصالح والحلفاء لكل بلد وفق الأمن القومي للمنطقة التى تضمن التشاور وعدم التعدي على الحلفاء ومصالحهم، بعيدا عن الاستفراد أو الابتزاز.