لم يتذكر حتى السوريين أن حزب البعث لا يزال موجوداً في سوريا وله "أميناً قومياًّ" هو بشار الأسد وأميناً قطرياًّ لا أحد يعرف إسمه، ربما إلاّ الأمين القومي وقادة الأجهزة الأمنية الذين يحصون على الناس أنفاسهم ولا تخفي عليهم خافية منذ عهد عبدالكريم الجندي الذي كان إن هو: "فتل شاربه" فإن حتى كبار المسؤولين في هذا البلد كانت ترتجف فرائصهم خوفاً من أن يلتحقوا بمن سبقوهم إلى "زنازين" المزة.

إنه لا شك في أن حافظ الأسد كان قد إنتمى إلى هذا الحزب في فترة مبكرة من عمره وإنه كان أحد ضباط الجيش السوري الذين كانوا شكلوا خلية سرية خلال وحدة مصر وسوريا وأنه بقي يلعب دوراً رئيسياًّ مع أنه كان أقل هؤلاء رتبة وذلك مع أن القيادة والقرار في هذه الخلية كانا لـ "صلاح جديد" الذي مثله مثل كثيرين من رفاقه قد إنتهت حياته في إحدى زنازين سجن المزة بعد سنوات طويلة.

لقد بقي حزب البعث غائباً حتى خلال السنوات الأخيرة من حكم حافظ الأسد فالحكم كان ولا يزال لـ "الرفيق القائد" وبالطبع للإستخبارات العسكرية وحزب: "الأمة العربية الواحدة.. ذات الرسالة الخالدة" هذا بقي غائباً حتى في المناسبات القومية وإلى أن إشتبك "إبْن" الخال مع "إبْن" عمته أي بشار الأسد مع رامي مخلوف الذي مثله مثل أبيه ينتمي إلى الحزب السوري القومي الذي بقي "محظوراً" في سوريا ولسنوات طويلة.

والمهم أن حزب البعث هذا بقي غائباً لسنوات طويلة قبل أن يشتبك إبن الخال مع إبن عمته وهنا وحسب بعض المعلومات فإن رامي مخلوف قد إفتعل هذا الإشتباك الكلامي مع بشار الأسد ليطرح نفسه على أنه البديل للرئيس الحالي وأنه بحكم عوامل كثيرة من بينها زعامة الطائفة العلوية هو الأقدر على إعادة: "القطر العربي السوري" إلى الوضعية السابقة عندما كان في عهد حافظ الأسد رقماً رئيسياًّ في المعادلة العربية والإقليمية.. وأيضاً المعادلة الدولية.

وهكذا ولمواجهة خطر رامي مخلوف وخطر القوميين السوريين الذين إستعادوا قوتهم ومكانتهم السياسية التي كانوا خسروها بعد مقتل غسان جديد رداًّ على إغتيال عدنان المالكي فقد كان على بشار الأسد أنْ يلجأ إلى حزب البعث هذا الذي كانت غيبته طويلة ليرد على تحدي إبن خاله وعلى القوميين السوريين.."وإن الله وحده جلّ شأنه الذي يحي العظام وهي رميم".