ما وصلت إليه سوريا، التي كانت توصف بأنها قلب العروبة النابض، من تمزقات ومن عنف وإغتيالات ونهب وسلب وإختلاسات وصراعات قد تصبح دموية في أي لحظة بين الأسد (الصغير) وإبن خاله رامي مخلوف، يؤكد أنّ الإقتتال في هذا "القطر العربي" قد وصل إلى ذروته وإن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة طالما أنّ هذا النظام البائس قد حوّل هذا البلد العظيم إلى حُكْم شراذم عائلية وطائفية متناحرة وإلى مزقٍ جغرافية ألحق بعضها رجب طيب أردوغان بـ "دولته" التي يريد إستعادتها للأمجاد العثمانية وأنتهى بعضها الآخر إلى "فرق" لمجموعات إرهابية وإلى إحتلالات لدول متعددة من بينها الإحتلال الإيراني والروسي والأميركي وبالطبع وإحتلال إسرائيل لهضبة الجولان التي جرى تسليمها "للعدو الصهيوني" في حرب عام 1967 بدون إطلاق ولا رصاصة واحدة.. وهذا كان قد تحدث عنه كثيراً عبدالحليم خدام قبل أن ينتقل إلى جوار ربه في إحدى دول الغربة البعيدة!!.
كان حافظ الأسد الأدنى رتبة في "اللجنة السرية" التي كان شكلها في مصر، خلال الوحدة المصرية – السورية، الضباط "البعثيون" والتي كان من بين أعضائها محمد عمران وصلاح جديد وبالطبع وحافظ الأسد وعبدالكريم الجندي وآخرون والتي كانت قامت بإنقلاب بعثي على الإنقلاب "الإنفصالي" في عام 1963 وهكذا فقد دبّ الخلاف بين رموز هذه المجموعة وتواصل واستمر إلى أن قام الأسد بإنقلابه الشهير على مجموعة إنقلاب الثالث والعشرين من فبراير (شباط) عام 1966 في عام 1970 الذي أعطي إسماً "فاقعاً" هو: "الحركة التصحيحية" التي لم تصحح شيئاً وتواصلت الإنحرافات وحيث قد إنتهت الأمور إلى ما انتهت إليه بعد أن وصلت إلى يد بشار الأسد الذي أخذ البلاد والعباد إلى كل هذه التمزقات وإلى هذه الأوضاع المأساوية.
وإنَّ ما هو أخطر أن سوريا: "القطر العربي السوري" قد أصبحت دولة ممزقة ومهمشة وطائفية وهذا مع أنها لا تزال ترفع راية حزب البعث فوق باقي ما تبقى من مبانيها الرسمية والأغرب أن بشار الأسد أصبح على خلاف تناحري مع ابن خاله رامي مخلوف الذي هو من أكثر "العلويين" تشدداً طائفياًّ مثله وهنا وحسب ما يقال فإنّ هذا الخلاف ليس سياسياًّ ولا حزبياًّ وأيضاً ولا عائلياً وإنما "مالياًّ" فما كان نهبه "إبن الخال" أصبحت مركزة عليه عينا "إبن العمة" وهكذا فقد أصبح، من لم يهاجر من السوريين مع الملايين التي توزعت بين دول دنيا الله الواسعة، يتابعون هذه المسرحية العائلية التي يقول بعضهم أنها مفتعلة وهزلية وإنها من قبيل إشغال الطامعين وبخاصة من أبناء هذه الطائفة التي من الواضح أن مصيرها سيكون كارثياً إنْ لم "تعتدل" الأمور وبسرعة وقريباً في هذا البلد العظيم والواضح أنها لن تعتدل وأن القادم سيكون كارثياً وأسوأ كثيراً مما هي عليه الأوضاع الآن!!.
وهكذا فإنّ هذا البلد الذي كان ذات يوم بات بعيداً عاصمة: "الإمبراطورية الأموية" والذي كان "البعثيون" و"القوميون" يحلمون بأنه سيأخذ العرب إلى وحدتهم العربية المنشودة قد أصبح ممزقاً جغرافياً وشعبياً وأنه بات محتلاً من قبل الذين يحكمون بعضه والذين يتصارعون عائلياً وطائفياً على ما بقي منه.. وحقيقة أنه لم يبق منه شيئاً مادام أن هناك الإحتلال الإسرائيلي الغاشم وهناك الإحتلال الإيراني: "الأغشم" وبالطبع وهناك الإحتلال "الأردوغاني" العثماني وهناك الإحتلال الروسي وبالطبع والإحتلال الأميركي.. وإحتلال التنظيمات الإرهابية.. التي دمرت كل شيء وحولت ما تحتله إلى أكوام من الحجارة وإلى مناطق قاحلة.. حالها: "لا تسرُّ الصديق ولا تغيظ العدا"!!.
لقد فوجئنا وفوجىء أبناء الشعب السوري العظيم، من منهم في ديار الغربة البعيدة والقريبة ومن منهم في السجون والمعتقلات.. وأيضاً من منهم في المقابر، بإشتباكات دامية بين درعا والسويداء غير معروفة أسبابها وهي مستغربة طالما أنّ "الحوارنة" مشهورين بالتسامح والطيبة وطالما أنّ "الموحدين الدروز" معروفين بالتعالي على الصغائر وأنهم قد أعطوا لبلدهم سوريا قامات وطنية وقومية شاهقة مثل سلطان باشا الأطرش وأيضاً مثل شبلي العيسمي الذي إختطفته مخابرات الأسد (الإبن) من لبنان وهو الذي تجاوز الثمانين عاماً من عمره.. وأيضاً مثل كمال جنبلاط من لبنان وإبنه وليد وبالطبع و"المير" مجيد أرسلان.. وهنا وبالنسبة لهذه الإشتباكات فإنّ هناك من يقول أنها هي وغيرها بقي هذا النظام يفتعلها ويفتعل أكثرمنها من أجل إشغال الشعب السوري بها حتى لا تكون مواجهته التناحرية معه ومع نظامه ومع أجهزته الأمنية ومع الأكثر "مذهبية" من أبناء الطائفة العلوية.. ويا حرام يا سوريا.. أين كنتِ وأين أصبحتِ!!.