مع حلول المولد النبوي الشريف سمعت أحد ممن يصفون أنفسهم بدعاة الاسلام وهو يخطب في التلفزيون واصفا الاحتفال بالمولد ببدعة!. وراجعت بعض المصادر التاريخية لأقف على حقيقة هذه الفتوى العجيبة، فزال عجبي حين قرأت فتاوى مماثلة من كبار الفقهاء والمفتيين الذين أنكروا مثل هذا الاحتفال بمولد سيدنا رسول الله. وذهب بعضهم الى حد القول بأن الاحتفال بمولد سيد الخلق هو مؤامرة ضد الاسلام، وهو من صنع الشيعة الفاطميين " الخارجين من الملة والذين لاشك في ضلالهم وبعدهم عن منهج السلف الصالح "!!!!. ولا أدري لماذا اعتبر هؤلاء الشيعة من الخارجين عن الملة؟ ولماذا يكون المسلم ضالا اذا ابتعد عن منهج السلف الصالح؟ ولا أعرف أيضا من هم السلف الصالح هؤلاء؟!.

بحسب بعض المصادر التاريخية فإن أول من إستن سنة الاحتفال بالمولد النبي هو السلطان مظفرالدين كوكبري حاكم أربيل في عهد صلاح الدين الأيوبي. وعاش هذا السلطان بين عامي 1153 – 1232 ميلادية الموافق لسنة 549-630 هجرية. وكان هذا حاكما سنيا في دولة سنية قادها صلاح الدين الأيوبي بعد قضائه المبرم على الدولة الفاطمية في مصر، وهذا بحد ذاته يبريء الشيعة من التهمة المنسوبة اليهم من قبل عشاق السلف الصالح.

واذا اخذنا بمنطق هؤلاء السلف و" الدعاة " باعتبار الاحتفال بالمولد النبوي " بدعة " سيترتب عن هذا الحكم ما حذرنا منه الرسول الكريم في حديثه الوارد بكتب الصحاح منها صحيح النسائي والذي يقول فيه سيدنا الرسول " شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ". فسيكون وفق هذا المنطق الملايين من المسلمين الذي يحتفلون بمولد الرسول منذ عام 550 هجرية ولحد يومنا هذا " ضالين " وسيخلدون في النار لأنهم يحبون الرسول ويحتفلون بمولده ويفرحون بهذ اليوم العظيم بالنسبة لأمة الاسلام!ّ!!.

لست أدري كيف يقبل هؤلاء الدعاة لأنفسهم أن يصدروا مثل هذه الفتاوى الشاذة والغريبة ولا يحسبون أي حساب لمشاعر الملايين من المسلمين الذين يعتبرون مولد نبيهم عيدا يفرحون بمقدمه.

لا ادري لماذا هؤلاء السلف يكرهون فرحة المسلمين ويصدرون فتاوى لا أصل لها ولا سند لا في القرآن ولا في السنة النبوية، فلم يرد فيهما أي تحريم للاحتفال بذلك اليوم المجيد اللهم الا في عقول السلف غير الصالحين الذين لا يريدون للمسلم أن يفرح ويشعر بالسعادة حتى بمولد نبيه الكريم!

فالاحتفال بهذه المناسبة بدأت بعد قرون طويلة من نزول القرآن وتدوين أحاديث الرسول، اذن من قال بتحريم هذا الاحتفال هو بشر مثلنا وليس تنزيلا من رب العالمين ولا ورد ذكره في أحاديث النبي، اذن لسنا ملزمين باتباع مثل هؤلاء السلف غير الصالحين.

انظروا الى شعوب العالم كيف تحتفل بمولد السيد المسيح كل سنة، وكل هذه المهرجانات الصاخبة التي تقام بأنحاء العالم ابتهاجا بهذه المناسبة، فهل نحن أقل منهم حبا برسولنا؟

المشكلة أن السلف يحرمون كل ما يثير البهجة والسعادة بنفوس المسلمين حتى لو كانت الفرحة بمولد خير الأنام!!

عجبي من أنصار الظلام!!!.