منذ سقوط السوفييت واعتبار هذا السقوط انتصارا للغرب ونموذجه. صارت الانتخابات الامريكية كل أربع سنوات، الحدث السياسي التقليدي الأكثر متابعة على مستوى العالم. هذه الانتخابات الاخيرة كان لها الصدى الاقوى والمتابعة الاكثر، لان فيها نجم امريكا والعالم خلال السنوات الاربع الفائتة دونالد ترامب. حيث حفلت رئاسته بمحطات وقصص كان هو بطلها الاوحد. يتهمه قسم من الرأي العام الامريكي وخصومه السياسيين بأنه عنصري، شعبوي، مزاجي، ومعاد للمرأة، لم يترك الاعلام الامريكي تفصيل من حياة هذا الرجل سابقا وحاليا إلا ورماها في وجه المتابع، ورفع قضايا كثيرة ضده وصلت الى قضية اقالته وفشلت. مع ذلك خسر هذه الانتخابات بصعوبة بالغة. لم يكن هنالك فارقا كبير بالأصوات بينه وبين منافسه جو بايدن. حاز على دعم أكثر من سبعين مليون ناخب امريكي لولاية ثانية. رغم خسارته هذا رقم مهول امريكيا. لا اعتقد تعرض رئيس امريكي في تاريخ امريكا لكل هذا الهجوم والفضائح كما تعرض ترامب. مع ذلك كاد ان ينجح في ولاية ثانية. ما السبب؟ لا اريد الدخول في هذا الجدل عن السبب، لسببين الاول أنه يحتاج لمراكز بحوث امريكية تتمتع بالنزاهة للإجابة. الثاني أنه ليس موضوعي هنا.
موضوعي كانسان وكسوري، لماذا نتابع الانتخابات الامريكية؟ ببساطة لان امريكا القوة الاكثر حضورا على مستوى الكوكب، والاقوى سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا. ايضا لأنها القوة التي تحكمت بالملف السوري. حيث تتحمل السياسة الامريكية المسؤولية الاكبر عن حرب الابادة التي شنها النظام الاسدي على الشعب السوري. امريكا هي من جعلت هذه الحرب دولية لمنع الشعب السوري من نيل حريته من هذا النظام. ما كان لبوتين او خامنئي ان يدخلا سورية دون موافقة باراك اوباما. ما كان لتركيا ان تحتل عفرين وراس العين وتل ابيض لولا موافقة ترامب. اضافة إلى قيام القوات الامريكية نفسها باحتلال الجزيرة السورية بكاملها. هذا التدخل الامريكي كنا نتمنى ان يكون لمصلحة شعبنا وحمايته من الاجرام الاسدي. لكن هذا لم يحدث لاعتبارات امريكية بزمن اوباما.
لماذا كنا نطالب امريكا للتدخل من اجل حماية المدنيين في سورية؟
سأذكر بعض المحطات من تاريخ سورية:
الاولى امريكا باركت الانقلاب الاسدي عام 1970 الذي قاده حافظ الاسد. الانقلاب الذي اسس لتحول سورية إلى دولة فاشلة لسلطة غاشمة.
الثانية امريكا كانت عرابة اتفاقيات الفصل على الجبهة السورية بين اسرائيل التي تحتل الجولان وبين نظام الاسد. وأدت الى قيام حالة شاذة لا سلام فيها ولا حرب. اعطت من خلالها شرعية غربية لنظام الاسد من جهة، وهذه رغبة اسرائيلية، ومن جهة اخرى تجعل قضية الجولان المحتل قضية تموت بالتقادم.
المحطة الثالثة هي مباركة امريكا عبر مادلين اولبرايت لعملية التوريث لبشار الاسد. التي قادتها مع فرنسا. إذا امريكا متدخلة سلفا في الملف السوري منذ نشوء سورية، لسببين:
الاول لأنها امريكا التي تريد السيطرة والهيمنة على العالم. هذا سبب عام، والسبب الثاني وهو سبب خاص يتعلق بان سورية على حدود اسرائيل. بالتالي امن اسرائيل في هذه المعادلة هو الاساس. اسرائيل تريد سورية دولة فاشلة لسلطة غاشمة.
لم نطالب امريكا لأنها غير متدخلة في سورية. بل طالبناها بالتدخل لحماية المدنيين لأنها القوة الاكبر في العالم من جهة. ولأنها متدخلة بقوة في سورية منذ استقلالها. امريكا لم تكن حيادية في سورية عموما، وكانت أكثر اسدية في عهد اوباما خصوصا. حيث ساهمت بجريمة القرن الحالي. 12 مليون مهجر مليون قتيل ومئات الوف المعتقلين. مدن بكاملها دمرت حمص دير الزور الرقة. اضافة الى ارياف باتت تصفر للريح هجرها سكانها جراء القصف الروسي الاسدي بموافقة امريكية. كان لدينا بعض امل ان تغير امريكا موقفها. مع ذلك لم نكن ممن يزمر ويطبل لأمريكا، كما لم نكن نطبل ونزمر للسوفييت قبل ذلك. حذرت كسوري منذ الشهر الاول للثورة السورية قبل عشر سنوات أن اوباما يريد الغدر بالثورة السورية. يريد ان يؤسس لجريمة ابادة ويعيد تأهيلها بوصفها امرا عاديا، والضحايا بالملايين ممن ذكرتهم بوصفهم ضرر جانبي.
لإدراكنا ان الاسد لا يسقط لا سلما ولا عسكرة دون قرار امريكي. دون تحويل مجرى هذا التدخل الامريكي تاريخيا في سورية لمصلحة شعبنا. هل كنا على خطا؟
بالنسبة لي ارى أن كل من يقول: بان مشكلة سورية بشعبها او بمعارضتها. إنما ليبرأ امريكا من دمنا. خير دليل على ذلك كيف تعاملت امريكا مع بقية ثورات الربيع العربي. آخرها الثورة السودانية. اتابع احيانا بعض المدافعين عن امريكا، ان الشرق الاوسط او سورية لم تعد مهمة بالنسبة لأمريكا. أيضا هذا محض تضليل! لأمريكا في الشرق الاوسط أكبر قوة عسكرية تتوزع على أكثر من 34 قاعدة عسكرية في المنطقة، اضافة إلى 24 ديكتاتور في المنطقة بخدمة امريكا. لم تكن معارضات الدول الاخرى بأفضل من المعارضة السورية. إنها امراض القهر والقمع والفساد والدول الفاشلة والسلطات الغاشمة في كل المنطقة.
امريكا لم تطرح على ثورة الشعب السوري انها تريد بديلا اخلاقيا عن الاسد، كما انها لم تطرح ابدا انها تريد بديلا سياسيا للأسد من الاساس. هذا ما عبر عنه اوباما في أكثر من مناسبة. امريكا تشاركت مع كل الدول التي احتلت سورية في قتل شعبنا ودفنه في مقبرة الاسد. هذا ليس تحليلا بل هذه حقيقة يعرفها القاصي والداني. حتى بوتين وعبر مسؤوليه يصرح ان امريكا تريد الاسد لكن بطريقتها. هذه الارادة سبق وتحدثنا عنها كثيرا. امريكا تريده كقاتل مأجور فقط.
أمريكا هي امريكا، ما يهمني في الواقع هو ان يأتي رئيسا امريكيا يكون اقل عدوانية تجاه شعبنا وشعوب العالم. ما تبقى هو من اختصاص الشعب الامريكي القادر على قول كلمته في النهاية.
كانسان ارى نفسي اشبه كل الناس في الدول التي تحكمها ديكتاتوريات ابادية. مدعومة من امريكا. هل هنالك ديكتاتورية في العالم الآن لا تدعمها امريكا؟
للرئيس الامريكي المنتخب مباشرة من الشعب الامريكي الحضور الاقوى في قرارات امريكا. لهذا العالم يراقب الانتخابات الامريكية. لان كل قرار يتخذه الرئيس الامريكي على مستوى السياسة الخارجية سينعكس على شعب من الشعوب او على الشعوب كلها. هذا نتاج قوة امريكا التي لا منافس لها الآن على مستوى الكوكب، بل هنالك شركاء لها أصغر منها دورا وقوة.
امريكا تعاقب الصين وروسيا وإيران ودولا كثيرة. وتحقق نسبيا ما تريد جراء هذه العقوبات.
امريكا جعلت من وثيقة حقوق الانسان العالمية ملفا مطويا في جوارير سياسييها.
هذه الامريكا. سنبقى نحاول معها من اجل عدوانية اقل تجاه شعبنا السوري. فهل ستكون ادارة جو بايدن مختلفة؟ للأسف اتوقع الاسوأ.
التعليقات