ربما إنّ الأمور قد إختلطت على البعض ولم يدركوا أنّ الإتصال الهاتفي الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس التركي كان بصفته رئيس مجموعة الـ "عشرين" التي عقدت إجتماعها (المفترض) هذه المرة في الرياض في المملكة العربية السعودية وإن دعوة رجب طيب أردوغان لحضور هذا الإجتماع كانت على أساس أنّ تركيا أحد أعضاء هذه المجموعة، وحقيقة أنّ هذا يعني أنّ العاهل السعودي قد تصرف كقائد دولي كبير وأنه بما قام به قد أكد أهمية هذه المجموعة وأنه أثبت أنّ بلده تستحق أن تكون عضواً فاعلاً في مجموعة العشرين هذه التي تشكل المنتدى الرئيس للتعاون الإقتصادي الدولي الذي يمثل "ثلثي" التجارة العالمية وثلثي عدد السكان في العالم والذي يمثل أكثر من تسعين في المائة من الناتج العالمي الخام.

إنه لا علاقة لـ :"الإخوان المسلمين" لا بهذا الأمر ولا بهذه المجموعة الدولية الطليعية إقتصادياً وبالتالي سياسياًّ وأنّ هؤلاء كان قد شكلهم حسن البنا ومعه آخرون، في مصر التي كانت ولا تزال دولة كبيرة، في عام 1928 وأنّ تشكيلهم كان بقرار من بريطانيا التي كانت تهيمن على هذه الدولة العربية كدولة مستعمرة من أجل إعتراض المد القومي العربي الذي كان في بداياته التكوينية، والمعروف أنّ بريطانيا حتى بعد كل هذه السنوات الطويلة لا تزال "تستضيف" بعض رموز هؤلاء الذين كانوا قد خاضوا مواجهات دامية مع المدِّ القومي الذي كان قد تنامى في أوقات مبكرة في العديد من الأقطار العربية من بينها بالإضافة إلى أرض الكنانة سوريا والعراق وبعض دول الجزيرة العربية ودول إفريقيا العربية.

ولعلّ ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال هو أنّ "الإخوان" كانوا قد حققوا وجوداً فاعلاً في عدد من الدول العربية والإسلامية وأنهم بعدما فشلوا في إحتواء الرئيس جمال عبدالناصر وتوجهه القومي في البدايات قد بقوا يشكلون شوكة موجعة في خاصرة مصر العروبية والقومية وأنهم قد تصدّوا للتوجهات والمكونات السياسية القومية في المنطقة العربية كلها، وأنهم بعدما استضافتهم.. المملكة العربية السعودية ولسنوات طويلة بعد إشتداد الضغط عليهم في الفترة الناصرية وفي فترة تصاعد المد القومي في سوريا وفي العراق وفي دول عربية أخرى قد بادروا إلى "عضِّ" الأيدي التي تقدمت إليهم بإحسان وأنهم قد حاولوا تشكيل خلايا سرية في هذا البلد المضياف المعطاء بالفعل ما أدّى إلى طردهم من هذا البلد المضياف وإعتبارهم مجموعات إرهابية حاولت إختراق الشعب السعودي بتنظيم بعض المصابين بعقد نقص وبتنسيق مع القيادت "الإخوانية" في العديد من الدول العربية والإسلامية.

لقد كان على هؤلاء، الذين كان شكّلهم حسن البنا ومعه آخرون ليكونوا قوة بريطانية لمواجهة المد القومي الذي كان قد بدأ مسيرته التصاعدية ألّا يعضوا اليد التي تقدمت إليهم بالرعاية والإحسان خلال محنتهم إنْ في مصر وإنْ في سوريا وفي العراق وفي بعض دول المغرب العربي وأن لا يحاولوا طعن المملكة العربية السعودية في خاصرتها ما بات ضروريا ولازماً أن يعتبروا تنظيماً إرهابياً وبخاصة بعدما أصبح على "رأسهم" رجب طيب أردوغان وبعدما إلتحقوا كأدوات إرهابية بإيران الخمينية.. والخامنئية وبعدما أصبحوا يسعون لإستعادة ما يعتبرونه أمجاد الخلافة العثمانية.. التي كان قد قضى عليها مصطفى كمال (أتاتورك) الذي يحاول هذا الرئيس التركي (الإخواني) والعلم عند الله التخلص نهائياً مما بقي منه.

وهكذا، وفي النهاية فإن الغريب لا بل الأكثر إستغراباً أنّ الإخوان المسلمين الذين "أنجبوا" حركة "حماس" بقوا ينؤون بأنفسهم عن الثورة الفلسطينية وعن "الكفاح المسلح" وأنهم من خلال هذه الحركة، التي كانت قد قامت بأول إنقلاب عسكري فلسطيني، بالتنسيق مع إيران وغيرها باتوا يستهدفون حركة "فتح" التي هي من أنجب الثورة الفلسطينية المعاصرة وباتوا يستهدفون السلطة الوطنية التي هي مشروع الدولة الفلسطينية المنشودة وأنهم كانوا أيضاً لا يتورّوعون عن أن يستقبلوا الأموال المرسلة إليهم من خلال إسرائيل التي يصفونها في بياناتهم "العرمرية" بأنها "دولة العدو الصهيوني"!!.