كان على الرئيس ميشال عون قبل أنْ يشتم رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، إبنْ الشهيد الكبير فعلاً وحقيقةً رفيق الحريري الذي كان التخلّص منه قد تم بالتفجير الذي ثبت أنه كان وراءه زعيم ضاحية بيروت الجنوبية في ذلك الوقت حسن نصرالله وبإشراف ومشاركة "الرفاق" في: "القطر العربي السوري" وبداية لكل هذه التحولات التي تلاحقت وانتهت بأنّ: "هالكم أرزه.. العاجئين الكون.. ما عادوا هوْن"، وأنّ تلك المراحل اللبنانية الحلوة والجميلة قد ولّت وأنّ عودتها لن تكون قبل أنْ "ينقشع" التمدّد الإيراني الإحتلالي ليس من هذا البلد الجميل وفقط وإنما أيضا من أكثر من أربع دول عربية.

لقد كان على الجنرال عون قبل أنْ يشتم سعد الحريري ويصفه بـ"أنه كذاب" أن يتذكر هو أنه، بعد أنْ قال أنه لنْ يترك لبنان وأنه لن يغادر إلى مكان آخر، قد احتمى بالسفارة الفرنسية في بيروت قبل أنْ يولي هارباً إلى باريس ويبقى هناك لأكثر من خمسة عشر عاماً قبل أن يعود إلى لبنان مطأطئاً رأسه ويقبل لاحقا بأنْ يكون تابعاً لضاحية بيروت الجنوبية، التي أصبح قصر بعبدا الجمهوري بعد كل هذه الحقب الطويلة تابعاً لها وأصبح القرار في بلد الأرز، بمسيحييه ومسلميه، قرار حسن نصرالله وليس قرار من المفترض أنه رئيسٌ لبنانيٌ لا قرار رئاسيّ إلّا قراره ومثله مثل الشيخ بشاره خليل الخوري وأيضا مثل الجنرال الكبير فؤاد شهاب رحمه الله.

إنه على "الجنرال" عون، قبل أنْ يشتم سعد الحريري إبن الشهيد الكبير رفيق الحريري، أنْ يدرك ويعرف أنّ هناك رجالاً في لبنان يرفضون التبعية لضاحية بيروت الجنوبية ويرفضون أنْ يكون قرار هذا البلد الصغير بحجمه ومساحته الكبير بمكانته العربية والدولية في يد حسن نصرالله وبالتالي في يد إيران فهذا يعني إهانة لكل أولئك الرجال، الذين جعلوا هذا البلد الصغير بحجمه الكبير بمكانته ودوره العربي والدولي رقماً رئيسياً في المعادلة الشرق أوسطية وأيضا في المعادلة الكونية، من بشاره الخوري إلى فؤاد شهاب إلى سليمان فرنجية.. إلى بشير الجميل وأيضا إلى كمال جنبلاط ورياض الصلح وعبد الحميد كرامي وبالطبع ومرة اخرى ورفيق الحريري.. وصائب سلّام.

والسؤال هنا هو: هل إنّ المطلوب من سعد الحريري أنْ يسلّم "رقبته" ويسلم رئاسة الوزراء ومكانتها إلى ضاحية بيروت الجنوبية وإلى حسن نصرالله الذي كان قد أعلن و"بعظمة لسانه" إنه لا يعترف إلّا بدولة الوليّ الفقيه في ايران حتى يرضى عنه ميشال عون الذي عندما عاد إلى لبنان بعد غياب استمر لأكثر من خمسة عشر عاماً قد حرص على أن يتوجه إلى قبر الجندي المجهول وإلى ضريح الشهيد الكبير رفيق الحريري.. ولكنه وللأسف قد نسي هذا كله وأصبح، حتى بعدما بات رئيساً لهذا البلد الصغير بمساحته وبحجمه الكبير جداً بمكانته العربية والإقليمية، تابعاً إلى حسن نصرالله وأصبح القصر الجمهوري الحقيقي ليس في بعبدا وإنما هناك على بعد خطوات إلى الجنوب من جامعة بيروت العربية.

وهكذا وفي النهاية، وهذا مع أنه لا نهاية إلّا بنهاية تبعية لبنان وقصر بعبدا و"السراي الحكومي الكبير" إلى ضاحية بيروت الجنوبية، فإنه حتى يصبح قرار بلاد الأرز في أيدي أبنائها وبالطبع وبناتها لا بدَّ من إنهاء الهيمنة الإيرانية ليس على هذا البلد وفقط وإنما أيضا على سوريا، القطر العربي السوري وعلى العراق وعلى الجزء "الحوثي" من اليمن، وعندها فإنّ من وضع قرار هذا البلد العظيم في يد حسن نصرالله من المفترض أن يخجل من نفسه وأنْ يعتذر ليس مرة واحدة وإنما عشرات المرات من سعد الحريري وأنْ يُقبّل تراب والده رفيق الحريري ومع طالع كل شمس ألف مرة!