غير معروفٍ أنْ يواصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مُرّ الشكوى من أنه لا يمارس مهامه المفترضة وأنّ كبار المسؤولين "يتناهشون" هذه المهام من المرشد الأعلى على خامئني إلى حسين منتظري قبل أنْ يتوفاه الله إلى قاسم سليماني الذي قتل بالقرب من مطار بغداد بغارةٍ جوية أميركية بطائرة بدون طيار في الثالث من يناير عام 2020 إلى آخرين من كبار قادة الحرس الثوري وغيرهم من الذين تتداول أسماءهم في وسائل الإعلام الإيرانية وفي وسائل الإعلام العربية والعالمية.
كان روح الله الخميني بإعتباره قائد الثورة الإيرانية، الذي أمضى ردحاً من الزمن لاجئاً سياسيا في العراق وفي فرنسا، هو كل شيء في إيران وكان كل الذين يحيطون به من كبار المعمّمين ومن أعلى الرتب في حراس الثورة الإسلامية وأيضاً في الجيش الإيراني مجرّد "أحجار شطرنج" وكان لا رأي إلا رأيه ولا قرار إلاّ قراره وحتى بما في ذلك حسين منتظري الذي كان نائباً للمرشد الأعلى والذي تم عزله من هذا المنصب بعد إختلافه معه وطرده شرّ طردة.
والمؤكد أنّ محمد جواد ظريف يعرف هذا كله وأكثر منه قبل أن يلتحق بهذه المسيرة العسيرة وهنا فإنّ أغلب الظن أنه كان ولا يزال ينتظر دوره ليخلف رتل الرؤساء الإيرانيين الذي كان بدأ بـ "أبو الحسن بني صدر" وبعده محمد علي رجائي وصولاً إلى علي خامنئي قبل أن يصبح بعد وفاة الخميني مرشداً أعلى للثورة الإيرانية ويصبح مع مرور الوقت وبعد صراعات سياسية موجعة وحاسمة هو صاحب القرار في هذا البلد الذي كانت مسيرته ولا تزال مسيرة صراعات دامية إنْ في عهد هذه الثورة التي لا مثلها ثورة حتى بما في ذلك الثورة الفرنسية الشهيرة والمعروفة وإنْ في العهد الشاهنشاهي الذي لم يدم إلاّ عهدين: عهد الشاه رضا بهلوي وعهد نجله محمد رضا بهلوي الذي من المعروف بأنه قد غادر بلده ووّلى هارباً بعد إنتصار الثورة الخمينية في فبراير (شباط) عام 1979 .
وهكذا فإنّ المفترض أنّ محمد جواد ظريف يعرف هذا كله قبل أنْ يلتحق متأخراً بهذه المسيرة التي هي مسيرة صراعات طاحنة منذ عام 1979 وحتى الآن والتي من الواضح أنه لا دور فعلي له فيها وأنه تمهيداً للإنسحاب من هذه "المعمعة" ويجب أن ينسحب، قد أعلن وقبل أيام قليلة أنه لن يترشح للإنتخابات الرئاسية وأغلب الظن هنا أنه سيكتفي من الغنيمة بالإياب وأنه سيغادر إيران التي من المعروف أن مسيرتها مسيرة صراعات دامية إن في هذا العهد وإنْ في العهد الشاهنشاهي وقبل ذلك.
ويبقى أنه لا بد من التساؤل عما جعل هذا الإنسان المثقف والطيب، كما يقول الذين يعرفونه عن قرب، أن يدخل هذه المعمعة وهو يعرف أن في هذه الـ "إيران" أكثر من وزير للخارجية من بينهم هذا الآذاري علي خامنئي وغيره كثيرون من المعمّمين ومن كبار قادة حراس الثورة ومن قادة جيش الجمهورية الإسلامية (أرتش جمهوري إسلامى إيران) الذي قائده الأعلى هو: "سيد علي خامنئي" والذي قادته وقادة حراس الثورة وغيرهم كلهم وزراء خارجية ويمارسون في هذا المجال أكثر مما يمارسه محمد جواد ظريف الذي وكما إعترف هو أنه لا يمارس شيئاً.