بعد ٤٢ عاما من حکم نظام الملالي في إيران، فإن الحقيقة التي باتت جلية للعالم کله عموما ولخامنئي نفسه تحديدا وبشکل خاص، هي إن الشعب الايراني قد سأم تماما من هذا النظام ومن کل شئ يتعلق به وإن فهم خامنئي"العميق جدا" لهذه الحقيقة هو الذي دفعه للإستغناء عن خدمات جناح "الاصلاح والاعتدال" المزعوم والعودة بالنظام الى المربع الاول من خلال فرض ثلاثة وجوه متشددة معروفة بماضيها العتيد في خدمة النظام على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية حيث يتقدمهم ابراهيم رئيسي، صاحب الدور البارز في مجزرة صيف عام 1988 التي تم خلالها تنفيذ أحکام الاعدام بآلاف السجناء السياسيين وذلك من أجل مواجهة الاحتمالات والمستجدات السلبية وإيقاف تدهور الاوضاع والسير بالنظام بإتجاه المجهول.
التغييرات التي قام بها خامنئي، جاءت من أجل مواجهة العديد من التطورات والمتغيرات على مختلف الاصعدة ولکن الاولوية کانت وستبقى للداخل الايراني حيث إنه المکان الذي يمن أن يحدد مصير النظام، ولايبدو إن خامنئي بعد أن واجه نظامه ثلاثة إنتفاضات في الاعوام 2009 و2018 و2019، مستعد لکي يواجه نظامه إنتفاضة أخرى بنفس حجم وقوة هذه الانتفاضات لأنه يعلم بأن الاوضاع الداخلية قد تجاوزت حدود الغليان وإنها"بحسب تحذيرات مسٶولين في النظام نفسه" بحاجة الى شرارة فقط کي تشعل النار في الهشيم، وليس يشعر خامنئي بالغبطة وهو يعلم بأن الايام 10 الى 12 ستشهد إنعقاد التجمع السنوي لإيران الحرة والتي سيشارك فيها الالاف من المتابعين في خمسة قارات بالعالم ومحورها الرئيسي هو النظام الکهنوتي القائم في طهران وماقد تداعى ويتداعى عنه والسبيل لمواجهته على مختلف الاصعدة والتسريع بعملية التغيير الکبرى في إيران.
تخوف خامنئي ونظامه من التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية، هو الذي دفع بالنظام لإرتکاب خطأ لايمکن أن يغتفر له بعد أن قام بالتخطيط لعملية إرهابية يقودها السکرتير الثالث في السفارة الايرانية بالنمسا وتستهدف التجمع السنوي للعام 2018، مثلما إنه هو الذي دفعه لکي يقوم روحاني ومن بعده ظريف ومن ثم وزارة الخارجية الايرانية بالاتصال بدول العالم من أجل منع إنعقاد هذا التجمع. لکن أکثر شئ يلفت النظر ويثير السخرية في نفس الوقت، هو إنه في الوقت الذي کان فيه النظام يعترف وبصورة واضحة بقوة التأثير للتجمع السنوي للمقاومة الايرانية بعد أن کان قد سبقه إعتراف غير مسبوق من جانب خامنئي تحديدا بأن منظمة مجاهدي خلق کانت وراء إنتفاضة عام 2018، فإنه لايزال هناك من يقلل من شأن المقاومة الايرانية ومنظمة مجاهدي خلق ويٶکد على إن النظام قوي ومتماسك وبإمکانه التصدي لأي إنتفاضة بوجهه، وهو بإعتقادنا تصور وقراءة أقل مايقال عنها سطحية وساذجة للواقع الايراني، ذلك إن المقاومة الايرانية قد أثبتت عمليا بأنها مثلما تمتلك قوة تأثير على الصعيد الدولي فإنها تمتلك قوة مماثلة على الصعيد الداخلي حيث إن المعارضة الاساسية التي بإمکانها أن تٶثر على أية أحداث وتطورات غير متوقعة داخليا ضد النظام وتجعلها تسير بسياق يتفق مع توجهاتها هي منظمة مجاهدي خلق وهو أمر صار المجتمع الدولي ينتبه له ويأخذه بعين الاعتبار وإن الذي يتصور بأن مايجري في مفاوضات فيينا يأتي من منطلق شعور النظام الايراني بالقوة فهو خاطئ لأن الجتمع الدولي عندما يفاوض هذه المرة فإنه لايفاوض بتلك الطريقة والاسلوب التي کان يفاوض بها قبل الاتفاق النووي الذي صار واضحا بأنه قد ولد معوقا وغير سليما، وخامنئي يعلم بأن مايطلبونه المفاوضين الدوليين من النظام الايراني في فيينا طوال ٦ جولات من التفاوض، يختلف تماما عما کانوا يطالبون النظام به في عام ٢٠١٥، فهذه المرة المسألة جدية تماما وليس کما فعل أوباما في أيامه الاخيرة في البيت الابيض وعلى عجالة من أمره، حيث کان يقبل ليس بأنصاف بل وحتى بأشباه الحلول، بل وإن ماقد طرح بشأن بحث إدارة الرئيس بايدن وهي في بداية عامها الاول، عن بدائل أخرى في حال فشل محادثات فيينا وهو إحتمال قائم، يعني فيما تهديد ضمني للنظام إذ أن أحد البدائل التي لم يتم تفعيلها بالصورة المطلوبة لحد الان هو دعم وتإييد نضال الشعب والمقاومة الايرانية من أجل الحرية والتغيير في إيران وهو أمر قد تم طرحه مرارا وتکرارا خلال العامين الماضيين أعضاء في الکونغرس الامريکي، ويعلم النظام قبل غيره بأن تفعيل هذا البديل يعني بداية العد التنازلي الذي لامناص منه للتغيير الجذري في إيران.
- آخر تحديث :
التعليقات