تتجلى الوطنية في الشدائد من خلال بطولات حقيقية يسطرها الصادقون بأفعالهم لا من خلال بطولات صوتية تتجلى برفع الشعارات فقط.

البطولات الصوتية ليست كعدمها، بل هي ضارة؛ لكونها تُوهم المواطنين بأن هناك من يعمل، فيركنون إلى الوثوق به، والاعتماد عليه، والواقع أن هناك من يتكلم فقط.
وفي هذا السياق يَذكر بعض راصدي أحداث الحرب العالمية الثانية موقفًا بطوليًّا لطبيب بولندي وطني يدعى يوجين لازوفسكي.


لقد أحب لازوفسكي وطنه ومواطنيه، واستطاع بهذا الحب أن يقوم بعمل بطولي كاد يعرضه للهلاك.
منذ أدرك لازوفسكي أن النازيين الألمان يتقدمون في بولندا محدثين فيها الدمار، ومستأصلين فئة من البولنديين بالاضطهاد والقتل قرر محاربتهم بالحيلة من خلال تخصصه الطبي.

بعد عدة تجارب قام بها أطباء من هنا وهناك تأكد لازوفسكي أنه يستطيع إيقاف التقدم النازي، وإرغامهم على التراجع بحيلة طبية في منتهى الذكاء.
إذ كانت حيلته أن يقوم بحقن بعض البولنديين بخلايا ميتة من مرض التيفوئيد، بحيث يبدو المَحْقُون به وكأنه مصاب بالمرض، وناقل للعدوى أيضا، والواقع خلاف ذلك؛ إذ لا مرض، ولا عدوى لأي محقون بالخلايا الميتة.



حقن لازوفسكي الجميع من مواطنيه البولنديّين كبارًا وصغارًا ورجالًا ونساءً، وتأكد الأطباء النازيين بعد الكثير من التحاليل أن مرض التيفوئيد منتشر حقّا في البولنديين، ويوشك أن يتسلل إلى المعسكرات النازية.
دَبَّ في الألمان الرعب، وفضّلوا التراجع معتقدين بقدرة المرض على قتل الجميع في تلك المنطقة.
بهذه الحيلة استطاع الطبيب يوجين لازوفسكي إنقاذ قرابة العشرة آلاف بولندي من الموت المحقق في المعسكرات النازية.
لقد قام لازوفسكي بعمل بطولي أنقذ به وطنه ومواطنيه، واضعًا حياته على المحك فيما لو اكتشف الألمان حيلته.
الوطنية يا سادة أفعال لا أقوال.. أسرُدُ هذا الخبر ووطننا مليء بالوطنيين الصادقين بفضل الله، وفي الوقت نفسه لا يخلو وطن من الأوطان من فئات صوتية أقصى ما تقوم به رفع الشعارات، وتصنيف الآخرين، وانتهاز الفرص.
قفلة:
ضع شعاراتك الوطنية على الرف، وأخبرني ماذا فعلتَ لوطنك أُخبرك ما مقدار وطنيتك.