في شرقي الجزيرة العربية تكمن واحة خضراء تتحدى زحف الرمال، وتستعصي على جبروت البحر.
بين الحَدَّين الصحراوي والبحري ترقد الأحساء بهدوء كفتاة مدللة يحبها عشاقها، ولها من الكرامات ما يفوق العد..

تلك العيون، والبساتين، والآبار، والنخيل الشوامخ، والتلال البواذخ، وقبل ذلك وبعده أهلها الطيبون.
لا أعرف إجماعًا على طيبة مكان وإنسان كالذي أعرفه عن إجماع الكرام على طيبة الأحساء مكانًا وإنسانا.
أقولها نتيجة تجارب وتعاملات شخصية وتجارية مع أهلها بمختلف فئاتهم ومناطقهم.

عبدالله الذرمان
عبدالله الذرمان

الأحساء في اللغة العربية جمع«حِسَى»والحِسَى السَّهْل من الأرض يتجمع فيه الماء تأخذ منه لا يَنْقص،وكذلك مواضع المنطقة وعيونها،وكذلك أهلها الذين تنبع منهم السهولة،ويُعطُون ويُعطُون ولا يَنقُصون،بل يَزدادون ويَزِيدون.
وكتب الأستاذ عبدالله الذرمان عن كتابات الوافدين عن الأحساء وأهلها

ويكفي الأحساء وأهلها شهادة وصف نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم لوفد عبدالقيس بقوله : (سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق) ، و لهذا تأتي إنسانية الشخصية الأحسائية نجما منيرا في عالم الصفات الجميلة التي رسمت لوحت خلابة في أزمنة عديدة.

زرتها مرارا
وفي هذا العيد قضيت فيها أجمل ثلاثة أيام في ضيافة أبنائها النبلاء أبناء نعيم النعيم رحمه الله:إبراهيم،ومعاذ،وأحمد
الحديث عن مكارم هذه الأسرة يطول؛بدءًا بوالدهم الأَغَرّ رحمه الله،ومرورًا بأبنائه البررة البارزين في مجالاتهم ذكورًا وإناثا،حتى غدوا علامة فارقة في الأحساء.
قضيتُ ثلاثة أيام من أجمل أيامي وكل أيامي جميلة ولله الحمد ولكن هذه الأيام الثلاثة بنكهة الأحساء وأهلها ومن شرُفتُ بزيارتهم من أهلها النعيم والجبر والموسى والخضير وابن زرعة والجغيمان والعصفور وعوائل أخرى كرام أبناء كرام فليعذرني من نسيت ذكرهم .
من نافلة القول ومن لزوم ما لا يلزم أن أثني على أخلاق الأحسائيين؛ لأن المعروف لا يُعَرَّف، وشمس الزمان لا تحتاج إلى برهان.
شيء ما يقول إن هذه الأرض لا تحتوي إلا طيّبا، ولا تنتج إلا طيّبا، ولا يمكث فيها الزَّبَد.
بعض البلدان صورة عن إنسانها..
ألا تتصورون رجلا نبيلا معطاءً كريما نابها ناجحا طاهر القلب واللسان، حسنا هو نفسه الأحساء.
وليس هذا بجديد طارئ على هذه المدينة العظيمة، بل هي كذلك منذ قديم الأزل.. فيها رجالات من خير الرجال، وإنجازات تفخر بها التواريخ.

بحكم صلتي برجال أعمالها أقول مطمئنا: طوبى لمن تعامل معهم وتعاملوا معه.. الإخلاص والصدق والأمانة والحصافة.. صفات لا تجتمع إلا فيمن رضي الله عنه وأرضاه.
أما أسرها فمن أعرق الأسر وأكرمها وأطهرها، بينهم تآلف ورحمة، ولا تكاد تجد بينهم شحناء ولا بغضاء.. متعاونون فيما بينهم،
يسعفون المحتاج،ويجبرون الكسير،وغنيهم يعطي الفقير،وكبيرهم يحنو على الصغير.
صفات ملائكية رأيتها فيهم ولم يحدثني عنها أحد،ورأيتها عيانا في أبناء نعيم نعيم رحمه الله ، وفي كل ساكني الأحساء وكل من له بهم صلة، وهي شهادة حق يسألني عنها ربي، لا أجاملُ بها أحدًا ولا أرجو جزاءً ولا شكورًا.
طالما زرت أماكن، وقلما استوقفني مكان لأكتب عنه..
الأحساء من الأماكن النادرة وأهلها نوادر وصفاتهم تستوقف العَجُول، وتلفت نظر السادر، وتفتن جامد الإحساس، فكيف بمرهفه؟!
هي منطقة واعدة تعبق بالتاريخ والحضارة، وتصلح وجهة سياحية لامعة، ولعل الجهات المختصة توليها ما يجب؛ ففي كل شبر من أرجائها حكايات وبطولات، وفي كل رجل من رجالها شهامات ومروءات، وفي كل امرأة من نسائها قصص كفاح ونجاح.

هي المدينة التي تجمع بين الماضي والحاضر باعتدال، وتأخذ من كل شيء أحسنه .
أتذكّرُ أنّنا صغارًا نعالج أبداننا في عيونها، أمّا الآن بعد أن صرنا كبارا بتنا نقصدها لنعالج أرواحنا بنقائها ونقاء أهلها .
الأحساء مفخرة وطن، وفخر مواطنين أبوا أهلها إلا أن يجعلوا من وطنهم أعظم الأوطان.

قفلة:
لو كان وطننا عِقدًا فأتصوّر أن الأحساء لؤلؤته الوسطى، ولو كان تاجًا فالأحساء جوهرته الكبرى.
أحب الأحساء وأهلها الكرام ، ولستُ وحدي لأنهم بالحب جديرون..