لا يمكن المقارنة بين رئيس يخضع وشعبة تحت الاحتلال، ويناضل من أجل إنتزاع الإستقلال لدولته التي أقرتها كل الشرعية الدولية واعترفت بوجودها كل أعضاء الأمم المتحدة وبين رئيس وزراء دولة تمارس الاحتلال وكل سياسات الإعتقال والحصار والعنصرية وأسر شعب بكامله وتحجب عنه بقوة السلاح الحرية والإستقلال والحياة بكرامة.
يعرف الرئيس عباس انه صانع للسلام وأول من مد يده للسلام مع إسرائيل إيمانا منه أن السلام والمفاوضات السلميه هي الأقرب والأقصر لتحقيق التعايش السلمى بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، وكان الرجل الثانى مع الرئيس عرفات في التوقيع على إتفاقات أوسلو والإعتراف بإسرائيل دوله، وهو ثابت على هذا الخط لم يتغير طوال فترة رئاسته،وهو الوحيد الذى دخل في مفاوضات شرسة وصعبة مع كل رؤساء إسرائيل، ولا يخجل من هذا الموقف، وقد يكون هذا الموقف د تسبب له إنتقادات كثيرة من قبل بعض القوى الفلسطينية.
لكن هذا الموقف الثابت لا يعنى التنازل والإستسلام عن الثوابت والحد الأدنى لقيام السلام والذى يتجسد في التعبير عن الحد الأدنى للمطالب الوطنية للشعب الفلسطينيى وتتمثل في دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقيه، هذا هو ألأساس للموقف الفلسطينى، وتحقيقا للسلام فقد أبدى مرونة سياسية في الكثير من القضايا كاللاجئيين والأرض مقابل السلام والمقايضة بالمثل بالنسبة للمستوطنات. وهذا الموقف القوى هدفه أن فلسطين لا تقف عثرة أمام السلام. والرئيس محمود عباس وعلى عمره المتقدم يؤكد دائما انه لن يتنازل عن هذا الحد الأدنى، وبشجاعة السلام إنفتح على كل القوى في إسرائيل وخصوصا قوى اليسار والتقى عدد كبير من الصحافيين والسياسيين وآخرهم غنتس ووصل له رسالة شعبه.ويسجل للرئيس عباس عناده في مواقفه السياسية كموقفه من رواتب الأسرى واسر الشهداء، فهذه المواقف لا تتم في بيت العنكبوت بل تتم على الملأ حتى يعلم الإسرائيلي قبل غيره أن الرئيس وشعبه يريدون السلام، وان هذا الموقف ليس من باب المناورة والمزاودة ولا يخضع للتسويق والتلاعب الإنتخابى فالوجه الفلسطينيى للسلام واحد.
رغم كل هذه المرونة والشجاعة التي تحدث عنها الرئيس عرفات ووصفها بسلام الشجعان واجهته إسرائيل بالتعنت والتصلب والإستيطان والتهويد والإعتداءات والإقتحامات التي يراها كل يوم امام عينيه، ويعرف انه يخرج بتصريح امنى إسرائيلى ويدخل بنفس التصريح، ويعرف أيضا أن إسرائيل يمكن أن تمنعه من الدخول والخروج،لأنه كما أشرت لايخدعه نفسه و يعترف ويدرك قبل غيره انه رئيس لشعب تحت الاحتلال. والرئيس يؤمن بالمقاومة السلمية التي ظل متمسكا بها كخيار للحرية والتحرر والإستقلال، لكنه مع شعبه في كل مواقفه، ادان العنف وقتل المدنيين والأبرياء فلسطينين وإسرائيليين، وتحمل كل الغضب الشعبى المحق لأنه تحت الاحتلال لا يحتمل أن يرى الآلة العسكرية الإسرائيلية تقتحم وتدمر المنازل الأمنة للفلسطينين،وتقتلع حتى شجر الزيتون ولا إقتحامات المستوطنيين للأقصى والإعتداء على المزارعين والفلاحيين في ارضهم. بالمقابل ماذا قدم بينيت للسلام، لم يقدم إلا صفرا، ولن يستطيع أن يقدم شيئا فهو رئيس لإئتلاف حكومي يحميه ويبقيه في السلطة حزبا عربيا لأول مرة يشارك في حكومة إسرائيلية ولعلها رسالة يفهمها بينت، وان مصير حكومته صوت واحد فقط.
يخرج بينيت ووزراءه ليصرحوا مرارا وتكرارا أن رئيسهم لن يقابل الرئيس عغباس، وان الرئيس عباس لا يملك قراره، ولا يستطيع أن يصنع السلام، وانهم غير مستعدين للتفاوض معه.إنكار وتهرب واضح من السلام وإلتزامته، يعرف بينيت ووزرائه أن الرئيس عباس الضعيف والذى لا يملك قوة إسرائيل ولا يحتل أراض الغير ولا يقيم مستوطنات ولا يصادر الأرض ولا يملك شيجا وقوة بحجم قوة وجيش إسرائيل يستطيع أن يصنع السلام، وعلى إستعداد للتفاوض بمرجعية الدولة الفلسطينية ويملك القدرة والشجاعة أن يوقع على إتفاق لسلام يحقق الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس الشرقية عاصمتها وينهى الاحتلال ويفرج عن كل الأسرى.الرئيس الضعيف القوى ـ وليس الرئيس القوى الضعيف الذى يمثله بينت، يعرف بينيت ويعر ف وزراؤه أن رئيسهم الأضعف في رؤساء وزراء إسرائيل، وانه لا يملك قراره وكما قلت مصيره ومستقبله السياسى صوت واحد بحجب الثقة ليجد نفسه خارج الحكم. يدرك ويدرك أعضاء حكومته انهم لا يملكون الشجاعة التى يملكها الرئيس عباس في صنع السلام، لا يملك بينيت القدرة ولا القوة ليعلن القبول بالدولة الفلسطينية لأنه لا يريدها أصلا، ولا يملك الشجاعة لأن يعلن السلام لأن مصيره قد يكون رصاصة واحدة من اليمين كما اسحق رابين الأقوى بين رؤساء إسرائيل، فكيف لنا برئيس وزراء ضعيف لم يحلم أن يكون رئيسا للوزراء ويعرف اكثر انه رئيس وزراء لسنتين فقط.
لهذه الأسباب يخرج ويقول بغرور وصلف سياسى أعمى البصيرة إن لا تفاوض مع الرئيس عباس ولا يقول السلام لأنه حتى هذه الكلمة لا يجرؤ أن ينطق بها. هذا الموقف يوضح لنا الفارق الكبير بين رئيس ضعيف قوى بقوة قضيته وعدالتها، وبين رئيس قوى ضعيف بضعف الاحتلال الزائل حتما وبضعف قوة جيشه لضعف رواية الاحتلال، ولعل نفق الحرية الذى حفره أسرى العبور الستة باظافرهم تكشف قوة الشعب الفلسطيني القوة التي يستمد منها الرئيس عباس قوته وضعف وتهرب بينيت من السلام الذى يرفضه بقوة جيشه وإحتلاله.
يبقى الرئيس عباس رئيسا للسلام وعدالة قضيته ويبقى بنت رئيسا لوزراء دولة لأطول إحتلال فى التاريخ، ولينظر حوله ليرى الشعب الفلسطينى فى كل مكان وسيأتى اليوم الذى ينتصر فيه السلام على الإحتلال. وسيذهب الرئيس عباس وتبقى قضيته ورسالته للسلام باقية حية فهو غرس مع الرئيس عرفات شجرة السلام التى لن تستطيع قوة جيش بينيت أن تقتلعها من أرضها، ونبقى امام نموذج الرئيس المنتصر بقضيته والرئيس المنهزم بالإحتلال، وسيحكم التاريخ يوما لمن الحق والعدل.
التعليقات