تختلف تعريفات مصطلح نظرية المؤامرة باختلاف وجهات نظر أصحابها، ويمكن القول بأن المؤامرة بها طرفين رئيسين، هما المتآمر (وهم الحكومات عادة) والمُتآمر عليه (وهو الشعب عادة) لإخفاء الحقيقة. وهي، مثلما واضح من التسمية، مقتبسة من الفعل تآمر والذي يعني صياغة أكاذيب بشكل منظم، فقد تحدث في المنزل وقد تحدث في العمل وقد تحدث في الدولة وقد تحدث على مستوى عالمي. هذا على مستوى المكان، وعلى مستوى الزمان أيضا هو غير محدود، ولا بد فيها من وجود طرف متآمر الذي يفعلها عن قصد، وطرف مُتآمر عليه. وقد يكون أطراف هذه المؤامرة أو أحدهم على علم بها، وقد تتم المؤامرة دون علم المستهدفين بها، ودائما تأخذ شكل التهمة، نظرا للشكوك التي يشعر بها المتَهِم. (المصدر: ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).

يخطئ المجتمع العربي في كثير من الأحيان عندما يسِّوغ إخفاقاته وأخطاءه بالتهويل من نظرية المؤامرة التي باتت لدى كثير من المجتمعات العربية كابوسا مخيفا، أو شماعة يلقون عليها كافة الأعذار التي يرون أنها وحدها تحول بينهم وبين ما يسعون إليه من اللحاق بركب الحضارة التي تحمل في طياتها التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية، والتجديد والتنوير بمفاهيمها المختلفة، فيلجؤون الى إتهام الغرب بأنهم السبب الحقيقي وراء عدم تقدمهم وتطورهم. وقد يأتي هذا التبرير أحيانا من طبيعة النظريات الموجودة لدى الكثير من الناس، فبعضهم يعتقد أن كل شر أصاب هذه الأمة هو بسبب أعدائنا، وهم بالتحديد الدول الغربية، وكل خطأ يقع في بلداننا العربية سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا هو بسبب هؤلاء الأعداء، ويتناسون أن جل أخطائنا هي من صنع أيدينا.

أنصار نظرية المؤامرة في العالم العربي يميلون إلى تحميل كل المشاكل والأخطاء والأزمات التي يعانون منها لأسباب خارجة عن إرادتهم، فالدول العربية التي تعاني من مشكلات وأزمات ترمي بها على عدو خارجي، والأشخاص يفعلون الشيء نفسه. وبدلا من البحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلات والأزمات التي يعانون منها، والعمل على معالجتها، يلجؤون الى نظرية المؤامرة لإراحة أنفسهم من التفكير العلمي والمنطقي، فهم في الحقيقة لا يريدون مواجهة أسباب المشكلة، ويلجؤون إلى التفسير الأسهل وهو المؤامرة.

تبقى نظرية المؤامرة دائما بوق الشعوب الضعيفة لأنها غير قادرة على مواجهة الصراع والتدافع في هذا العالم الذي لا بقاء فيه، منذ وجد، إلا للأقوى. لهذا يمكن القول إن السبب الرئيسي لما يعاني منه العرب اليوم من ضعف وتخلف هو هوسهم واصرارهم على إتهام الآخرين وخصوصا الدول الغربِية بالتآمر عليهم. لكن الحقيقة أنهم غيرُ قادرين على المنافسة، ولا دور لهم في الحضارة المعاصرة، ولذلك ينتكسون وينغلقون ويجدون أنفسهم مضطرين للاحتماء داخل قوقعة المؤامرة، وهم يرون الشعوب الأخرى في جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية تعمل وتبني وتتصارع من أجل الريادة.

يجب علينا أن نتخلص من هذه النظرية الخاطئة ونخرجها من عقولنا، وأن نذهب نحو التفكر والتدبر والتحليل المنطقي كما أمرنا الله تعالى في كتابه العزيز: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصِدور). تشخيص مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتوجه نحو إصلاحها ستكون نتائجها أفضل بكثير من الشعور بالضعف والترقب والاستسلام، إذ إن التخطيط العلمي السليم سواء للفرد أو الجماعة والتمسك بالثوابت القومية والوطنية الحقيقية تحقق لنا عوازل صد لمجابهة أي استعداء مهما بلغت قوته، ومهما وقفت بصدده المؤامرة، إن هي وجدت حقا.