يتعرض الشعب الفلسطيني لجريمة من أبشع جرائم العصر؛ جريمة حرب شاملة وإبادة جماعية تشنها إسرائيل، دولة الاحتلال، ذهب ضحيتها حتى الآن أكثر من 45 ألف شهيد، ولا يزال الآلاف تحت الأنقاض، كما جرح أكثر من 150 ألف آخرين. أُبيدت مئات الأُسر الفلسطينية بأكملها وشُطبت من السجل المدني، كما فقد الآلاف أرواحهم بسبب انتشار الأمراض والأوبئة ونقص الدواء والماء. بالإضافة إلى ذلك، نزح أكثر من مليوني فلسطيني من بيوتهم مرات عديدة بحثاً عن الأمان من عمليات القتل الممنهج التي ينفذها جيش الاحتلال. ومع استمرار الحرب العدوانية، يُقتل كل يوم العشرات، ويُجرح أضعافهم من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية والقدس.

تعيش غزة ظروفاً معقدة، حيث أصبحت الحياة مستحيلة في شمال قطاع غزة بعد استكمال جيش الاحتلال تدمير كل المنازل والمباني السكنية في بيت حانون وجباليا. حالياً، أصبحت هذه المناطق المكان الأخطر في العالم، ولا يمكن تقديم الدعم الإنساني للسكان. ووفقاً لتقرير قدمه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، شهد العام الحالي مقتل أكبر عدد مسجل من العاملين في المجال الإنساني. ونتيجة لذلك، "أصبح من المستحيل تقريباً توصيل حتى جزء بسيط من المساعدات المطلوبة"، على الرغم من الاحتياجات الإنسانية الهائلة. سلطات الاحتلال تواصل منع العاملين الإنسانيين من الوصول بشكل هادف إلى المحتاجين في القطاع، حيث تم رفض أكثر من مائة طلب للوصول إلى شمال غزة.

في جميع أنحاء غزة، تستمر الغارات الجوية على المناطق المكتظة بالسكان، بما في ذلك المناطق التي أمرت قوات الاحتلال الناس بالانتقال إليها، مما تسبب في الدمار والنزوح والموت. وفي الوقت نفسه، يستمر الوضع في الضفة الغربية في التدهور، مع تسجيل أعلى عدد للشهداء نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية. هذه العمليات أسفرت عن تدمير البنية الأساسية، مثل الطرق وشبكات المياه، وخاصة في مخيمات اللاجئين. عنف المستعمرين المتزايد وهدم المنازل أدى إلى زيادة النزوح والاحتياجات. القيود الإسرائيلية المفروضة على الحركة تعيق سبل عيش الفلسطينيين ووصولهم إلى الخدمات الأساسية، وخاصة الرعاية الصحية.

إقرأ أيضاً: ...وشهدت "هآرتس" على جرائم الاحتلال!

ما يجري في فلسطين هو حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي وفصل عنصري في ضوء مواصلة ممارسات الاحتلال العدوانية. هذه الممارسات تشمل الاستعمار، التهويد، سرقة الأراضي، تهجير السكان، هدم المنازل، ومحاولات تطبيق سياسة التطهير العرقي. ما تعيشه غزة هو جريمة بكل المقاييس. حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني تهدف إلى طمس الهوية الوطنية الفلسطينية.

لا بد للأمم المتحدة والمجتمع الإنساني من مواصلة كل المحاولات لتقديم الخدمات في مواجهة هذه التحديات والصعوبات المتزايدة. هناك أهمية كبيرة لقيام المجتمع الدولي بالدفاع عن القانون الإنساني الدولي والمطالبة بحماية جميع المدنيين والإصرار على وقف العدوان وكل أشكال الاحتلال والاستيطان. كذلك، لا بد من الوقف الشامل والدائم لإطلاق النار في قطاع غزة، ووقف الاعتداءات العسكرية وهجمات المستعمرين الإرهابيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

أقرأ أيضاً: حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره

يجب المضي قدماً في مسارات سياسية وحقوقية ومجتمع مدني للضغط على الحكومات والبرلمانات الأوروبية من أجل اتخاذ مواقف عملية ضد سياسة الفصل العنصري والاحتلال الاستعماري الإحلالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما ينبغي الضغط لمحاسبة دولة الاحتلال ومساءلتها في محكمتي العدل والجنائية الدولية والمحاكم الأوروبية، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين.