المعروف وفق اغلب النظريات السياسية ان مقومات نشوء الدول هي الأرض او الإقليم والشعب والحكومة والسيادة ووفق اجتهادات مختلفة حول هذا النشوء هناك نظريات الإرادة الالاهية والقوة والعقد الاجتماعي.... الخ.
بالعودة الى العراق الحالي فالأرض تم تحديدها وفق معاهدات بريطانية – فرنسية في اعقاب الحرب العالمية الأولى وحدودها الى اليوم موضوع منازعات إقليمية كما تم تشكيل شعبه من ثلاث مكونات رئيسة لا يجمعها جامع والحكومات المتعاقبة كانت لعبة بيد القوى الدولية والإقليمية والسيادة فهي حقا حديث خرافة فقد تم دفن السيادة العراقية لصالح الدول الإقليمية وحتى عن نشأة هذه الدولة فان أيا من نظريات نشوء الدول لا ينطبق عليها وانما تأسست بموجب الاتفاق البريطاني – الفرنسي السابق الذكر ضمانا لمصالحهما بعيد الحرب العالمية الأولى ولا علاقة لمكونات العراق بهذا التأسيس، خاصة بالنسبة لشعب كوردستان حيث الحقت كوردستان الجنوبية قسرا بالدولة الحديثة التأسيس وسحقت الثورات الكوردية ببشاعة.
لما سبق فليس غريبا ان تقع هذه الدولة حاليا فريسة كل من هب ودب من قوى دولية وأخرى إقليمية اذ لا وجود لهوية وطنية موحدة مميزة ولا سيادة حقيقية ولا حكومة قادرة على معالجة المشاكل الموروثة والحالية وارساء الأسس الصحيحة لدولة حقيقية.
ان حرمان مكونات العراق الحالي من حقها المشروع في اختيار النظام الذي يلائم ويتفق مع مصالحها، كما حدث مع الاستفتاء الكوردستاني، في الوقت الذي يشكل تعسفا واضطهادا مرفوضا يعبر أيضا عن منتهى الصلافة والاستهانة بحقوق الانسان من قبل كل الذين يقفون ضد إرادة مكونات العراق الحرة سواء بالاتحاد الاختياري (الموجود كحبر على ورق في الدستور الاتحادي) او بالتقسيم السلمي الودي.
خلال قرن من الزمان منذ تأسيس هذه الدولة غير المتجانسة، جرب العرب السنة كل ما في وسعهم لإلغاء العرب الشيعة والشعب الكوردستاني، وعندما سنحت الظروف للعرب الشيعة لاستلام الحكم جربوا أيضا كل ما في وسعهم لإلغاء وجود العرب السنة وشعب كوردستان وستبقى هذه الحرب مستمرة الى ما شاء الله مالم تتدارك مكونات العراق الموضوع برمته والخروج بصيغة مقبولة من الجميع اما بتأسيس دولة عراقيا موحدة اختياريا واما التقسيم الذي يفرض نفسه يوميا والا فان نهر الدماء سيستمر ولن يكتب النصر في هذه الحرب العبثية الطائفية والعنصرية لأي طرف وانما سيدفع الجميع ثمنها الباهض وتبعاتها على الاقتصاد والثقافة والسيادة والحياة الكريمة و.......الخ
السؤال هو: إذا كانت قوى دولية وإقليمية ذات المصلحة في الإبقاء على العراق بوضعه الحالي، فما مصلحة مكونات العراق في هذا الوضع المزرى واستمرار المأساة ولم لا يتفقون على انهاء هذا الوضع الشاذ الذي خلقته أساسا المصالح الاستعمارية في المنطقة؟؟؟ هل هو التخلف عن الركب الحضاري ام الرغبة الجامحة في السيطرة المطلقة وإلغاء وجود الاخرين!!!!
مكونات العراق مدعوة لإيجاد صيغة جديدة وطرح مبادرات عملية لمعالجة الوضع الحالي قبل ان يقع الجميع فريسة دوامة أتعس.
التعليقات