عندما يتحدث دعاة التجديد، يتبادر إلى ذهن المستمع إليهم أنهم يسعون إلى قلب الدين أو نسف شعائره وطقوسه، أو أنهم يريدون كسب جمهور واسع لكي يصفق لهم، أو أن تفكيرهم قد تعلمن فعلا وركبوا موجة العلمانية فصاروا يبثون تفكيرهم العلماني وينشرونه بين أطياف المجتمع خاصة بين طيف الشباب، وهذه نتيجة طبيعية كما قال عنها الاستاذ إبراهيم البليهي في احدى مقالاته بعنوان الخريطة الذهنية "إن أفكار أي شخص وتصوراته تتضمنها خريطة ذهنية كَوَّنها له دماغه فهو محكوم بهذه الخريطة ويعتقد أن أي فكر يخالف خريطته الذهنية هو فكرٌ ضال".
لكن، وللحقيقة، فإن الأمر مختلف جدا حيث إن دعاة التجديد لا يقصدون نسف الدين، وإنما يدعون إلى إعادة التفكير في المفاهيم الدينية. لذلك، فإنك تجد لهم نداء يطالبون فيه بتجديد المناهج الدراسية الدينية من خلال نظرة جديدة، يدعون فيها إلى الغوص في عمق جوهر الدين لا إلى ظاهره. أو بعبارة أخرى، فإنهم يناشدون بإعادة النظر إلى الرسالة أو المغزى المراد منها وليس غلاف تلك الرسالة. مثال على ذلك قول الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)
فظاهر الآية الكريمة الدعوة الى إعداد الخيل القوية لمواجهة الأعداء في ذلك الزمان لكن جوهرها أو الرسالة المراد منها هي القوة فلا يمكن استخدام ادوات حروب عصر نزول هذه الآية في عصرنا الحاضر، فالرسالة هي التي تحكم تفكيرنا في الآية الكريمة وهي ما يهتم بها دعاة التجديد.
أما الادعاء بأن دعاة التجديد يسعون إلى جذب الجمهور، فهذا منزلق صعب وجمهوره قليل. فطالما حدثنا التاريخ بأن من يمشي في هذا النهج تكثر عليه الأقاويل والعداوات والأمثلة كثيرة ومتعددة لا يسع المجال لذكرها.
ما أردت قوله هو أن من يدعوا إلى التجديد هو في الأصل يدعو لإعادة التفكير فيما لدينا من موروث مما لم نحلله ونتثبت من صلاحيته للعصر الذي نعيش فيه.
التعليقات