قبل فترة عرض علينا مكافات مجزية لكتابة مقالات للمدح والاطراء عن احد رؤساء اقليم كردستان، وهو بالاصل زعيم فاسد وقائد للعصابات والمافيات، وتم رفض العرض انطلاقا من موقفنا السياسي والاعلامي المعارض لنظام الحكم القائم في اربيل المتصف بالاستبداد والتسلط واالفساد والنهب والقمع، ولهذا الغرض اختير اخرين لتسويق الرئيس المعني في الاعلامين العراقي والعربي، وذلك من خلال كسب وشراء ذمم البعض من واجهات اعلامية عراقية وعربية من كتاب وصحفيين ومحرري اخبار ليكونوا ابواقا مأجورة لتسويق الوجه المذموم للنظام العائلي الحزبي المتحكم بالاقليم.

ومن خلال هذه الواقعة، تم التذكير بتهديد غريب صدر ضدنا من مسؤول حزبي كبير قبل سنة، حيث هدد بالعمل على شراء المواقع والصحف التي تنشر مقالاتنا بالمال والاعلانات، وشراء القائمين عليها والمحررين فيها، ولا ينكر انهم قادرون على فعل ذلك، ومثلهم مثل نظام صدام حسين البائد الذي تمكن من شراء اغلب الصحف والمجلات والقنوات المرئية وغير المرئية والشخصيات الاعلامية والادبية في بلدان العالمين العربي والاسلامي، وذلك لتسويق صورة جميلة عنه وعن النظام البعثي البائد، وهو قد حقق نجاحا باهرا في ذلك وفي تسويق نفسه وحكمه ونظامه على حساب الحقائق والوقائع والاحداث الحقيقية المريرة التي كان يعيشها ويمر بها العراقييون، ولكن بحكم منطق التاريخ لم ينفع كل تلك العمليات المالية لشراء الذمم بالملايين والمليارات النظام البائد فسقط مذلولا مدحورا.

واليوم يعاد نفس التجرية في اقليم كردستان، ولكن بمال كردي، والمشكلة الجوهرية للكتاب والصحفيين والاعلاميين الكرد في الواقع السياسي هي مهما كتبت وعارضت ووجهت انتقادات باللغة الكردية ضد النظام القائم من الحزبين والعائلتين الحاكمتين، فلا تجد صدى ولا انعكاس لها، ولا رد عليها مهما كانت كبيرة او صغيرة، حتى ان البعض من الاقلام المعارضة قد اصابه الملل واليأس بسبب الانتقاد المتواصل غير المثمر عن نتيجة، والدوران في حلقة مفرغة لا نهاية لها.

ولهذا لجأت مجموعة منهم الى استخدام لغات اخرى كالعربية للاستفادة من الاعلامين العراقي والعربي، ولو ان البعض منهم محسوبين على النظام الفاسد القائم في اربيل، فتحولوا الى ابواق مأجورة لتسويقه بصورة جمالية مزيفة، والبقية اتخذ من النقد السياسي المعارض وسيلة للتعبير عن واقع ما يحصل في الاقليم وكشف النظام الكردي القائم على القمع والاستبداد والفساد الرهيب.

وبسبب الاغراءات المالية التي لجأ اليها الحزب الحاكم فقد تمكن في الفترة الاخيرة من شراء بعض الاشخاص في المواقع والقنوات العراقية والعربية الناشرة للاراء والكتابات والمقالات الكردية المعارضة، ونتيجة لهذا الامر فقد فرضت تلك المواقع قيودا وفرضت شروطا للنشر لحجب الرأي الكردي المعارض.

ومن جراء هذا الفعل المتسم بقمع الاصوات الحرة المستقلة، فان الاغراءات المالية للسلطة الفاسدة الحاكمة بالاقليم قد وصلت الى مواقع عربية وعراقية معينة، لمنع الاصوات الحرة وحجب الاقلام الناقدة، ولكن مع كل المعاناة والاستبداد والقمع التي يتعرض لها الكتاب والصحفيين الكرد الاحرار، ستبقى الارادة الحرة المستقلة باقية مهما اشتدت العوائق وانحرفت المواقع، وستبقى مكاشفة النظام الحاكم بالاقليم واجبا مقدسا لكل كاتب وصحفي واعلامي حر ولكل مواطن كريم حر، والامل يبقى داعيا ومناديا لا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر اذا الكرد يوما اراد الحياة، وغدا لناظره قريب، و"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة"، والله من وراء القصد.