مع إن الاجتياح الروسي لأوکرانيا لا يزال هو الموضوع الاکثر قوة وطرحا في وسائل الاعلام العالمية، وخصوصا بما له من آثار وتداعيات على الکثير من الاصعدة وبشکل خاص من حيث إحتمال إنها قد تٶدي الى مواجهة عالمية مدمرة، لکن ذلك لم يمنع أو يقلل من شأن الملف الايراني بمختلف جوانبه خصوصا وإن السياسة التي ينتهجها نظام الملالي في إيران کان ولا زال له تأثيرات سلبية على استتباب الامن والاستقرار في المنطقة والعالم، وحتى إن التحليل الذي أعده الباحث مايکل روبين، من معهد أميركان إنتربرايز، من موجات لجوء قد تكون أكبر بكثير من موجة اللاجئين السوريين أو الأوكرانيين آتية من إيران، بحسب ما نقلت مجلة ناشونال إنترست الأميركية. هذا التحليل ومع إختلافنا مع الاستنتاج العام له، فإنه يسلط الاضواء مرة أخرى على الملف الايراني ويٶکد حساسيته وضرورة أخذه بنظر الاعتبار والاهمية على الصعيد الدولي وعدم تجاهله وغض النظر عنه.
قضية التحذير من حدوث إضطرابات في إيران على وقع وفاة مرشد النظام علي خامنئي وعدم وجود خليفة مناسب يمکن أن يحل محله، ليست المرة الاولى التي يجري طرحها إذ سبق وأن تم طرح هذا الموضوع بعد إندلاع الثورة السورية عام 2011، وما قد تم طرحه حينها من سيناريوهات کانت معظمها في غير صالح نظام الملالي ولا سيما في حال إنتصار تلك الثورة حيث کان معناه قطع الاتصال الوثيق لطهران بحليفه الاستراتيجي حزب الله اللبناني، ولذلك فإن نظام الملالي المعروف باساليبه وطرقه الشيطانية بالغة الخبث في الطرح والمقاصد الملتوية، فإنه قد قام وقتها بتسريب تحذير من أنه وفي حال سقوطه فإنه ستحدث إضطرابات غير مسبوقة في البلاد تقود الى إرتکاب مذابح ومجازر مروعة مما سيتسبب في موجة نزوح کبيرة جدا من إيران بإتجاه (دول المنطقة)، وهذا التحذير کما يبدو يرسم المعادلة السياسية في إيران کما يحددها النظام وفيه تجاهل مقصود للمعارضة السياسية القائمة ضده وخصوصا منظمة مجاهدي خلق التي إعترف خامنئي بعظمة لسانه بدورها في التخطيط لإنتفاضة أواخر عام 2017 وقيادتها، مثلما تم إتهامها بمختلف الاحداث والتطورات التي أثرت بوتٶثر سلبا على النظام ومن إنها تشرف وتوجه وحدات المقاومة النشيطة في سائر أرجاء إيران.
ذلك التحذير "الاکذوبة" للنظام والذي تم تفنيده ودحضه في وقتها، فإنه وفي الوقت الحالي وفي ضوء التحديات والتهديدات المختلفة التي تحدق بالنظام الايراني وفوو ضوء تزايد دور ونشاطات الشبکات الداخليـة لمجاهدي خلق ووصولها الى حد إختراق مٶسسة الاذاعة والتلفزيون الرسمية الايرانية وکذلك وزارة الارشاد وبثها شعارات معادية للنظام وصور لقادة المنظمة الى جانب نشاطات أخرى کثيرة لامجال لعرضها جميعها هنا، فإن في عودة طرح موضوع وفاة خامنئي وعدم وجود خليفة له، وإن ذلك سيتسبب في إضطرابات قد تقود الى نزوح 10 ملايين إيراني بإتجاه أوربا بحسب تحليل مايکل روبين، بمثابة رسالة أخرى عليها بصورة وأخرى بصمات نظام الملالي ولکن هذه المرة يتم توجيهها لأوربا ومن إن 10 ملايين لاجئ سيتجوهون إليها في حال سقوط هذا النظام من جراء الفراغ السياسي الحاصل لعدم وجود بديل له!!
هذا التوقيت في طرح هکذا موضوع بالغ الاهمية والحساسية خصوصا وإن هناك سجالا غير مسبوقا بشأن إخراج جهاز الحرس الثوري من قائمة المنظمات الارهابية کشرط للنظام في محادثات فيينا المثيرة لأکثر من تهکم وبشکل خاص في ظل مرونة غير مستساغة لإدارة بايدن الذي يبدو کأوباما في عجلة من أمره لإنجازها، کما إن طرح هذا الموضوع يأتي في ضوء الازمة الاوکرانية والنزوح غير المسبوق للأوکرانيين بإتجاه أوربا، وذلك کعامل ضغط إضافي من أجل أخذ الاوضاع في إيران بنظر الاعتبار والعمل من أجل (ضمان کل مامن شأنه بقاء وإستمرار نظام الملالي) حتى لو کان ذلك على حساب إخراج الحرس الثوري من قائمة الارهاب وعودة "حليمة الى عادتها القديمة"، لکن السٶال الذي طرح نفسه هل سينخدع الغرب بهذه الاکذوبة الجديدة، ويصدقون بأن هذا النظام القرووسطائي لا بديل له بحق؟ وإن 8 إنتفاضات قد إندلعت من تلقاء ذاتها ولم يکن هناك أي طرف سياسي على علاقة بالتمهيد لإندلاع تلك الانتفاضات؟
نظام الملالي وفي ضوء التطورات بالغة الخطورة الجارية في العالم من جراء المغامرة التي قام بها بوتين في أوکرانيا وتخوفه من آثارها وتداعياتها فإنه وفي الوقت الذي قام فيه بدفع ذراعه الحوثي لضرب المنشئات النفطية السعودية وما قد أثر ذلك على أسواق النفط العالمية وهي خطوة کما يبدو من أجل سواد عيون الدب الروسي، فإن إقترانها بهذا التحذير الذي قدمه روبين، فإن الهدف الاکبر من وراء ذلك إعادة الانظار الاوربية بإتجاه طهران وتلبية مطالبها قبل أن تحدث الفتنة الکبرى فيها بعد وفاة خامنئي، في وقت تبدو فيه منظمة مجاهدي خلق نشطة أکثر من أي وقت مضى في داخل إيران بشکل خاص وفي خارجه بشکل عام ضد النظام وتعمل من أجل التمهيد لکل ما من شأنه إسقاط هذا النظام، وبحسب خبرتي ومعرفتي بمنظمة مجاهدي خلق، فإنها لن تخطو أية خطوة ما لم تتحسب للخطوة التي تليها، فهل من المعقول إنها وعندما تنجح في إسقاط هذا النظام وهي الخطوة الاصعب، لا تتمکن من ملأ فراغ هذا النظام وتصبح بديلا له؟
التعليقات