في الذكرى السنوية الـ (34) لمجزرة الأنفال الصدامية (الإبادة الجماعي) والتي تحل يوم غد الخميس المصادف 14 نيسان والتي اقرها مجلس النواب العراقي وبرلمان إقليم كوردستان، التقيت بـ بختيار محمود كريم محمد المعروف بـ (بختيارچاوەرێ)*، الناجي الوحيد من عائلته في عام الانفال والذي كان يبلغ من العمر انذاك 4 سنوات، وهو الان باحث اجتماعي ويعمل في احدى مدارس بلدة كفري وسالته:
هل لك ان تتحدث عن قصتك يا بختيار وماذا حدث لك ولعائلتك في عام الأنفال؟
ـ انا اسمي بختيار محمود كريم احمد معروف بـ (بختيارچاوەرێ) ،مواليد طوزخورماتو 1984، يُطلق عليه رسمياً (وحيد الانفال)(1) لانني الناجي الوحيد من عائلتي من جريمة الانفال (الإبادة الجماعية) بقيادة المجرم سلطان هاشم وبأشراف قائد المنطقة الشمالية المجرم علي الكيماوي وجحوشهم المجرمين من الأفواج الخفيفة، الذين ارتكبوا جرائم بشعة بحق ابناء جلدتهم وقاموا بأعتقال اهالي وفرهدة ممتلكات القرى من الالات الزراعية والحيوانات.
ولهذا نحن الضحايا نطالب منذ سنوات وبالحاح ان يُنفّذ قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا في بمحاكمة جميع المتهمين من ضمنهم كبار الجحوش والبعثيين الكورد الذين ذُكرت اسمائهم في قضية الانفال.
يضيف بختيار ويقول: نحن من اهالي قرية (جه وري) وهي أحدى القرى التابعة لمنطقة (داودة) والتي تقع بين كفري و طوزخورماتو، هذه القرية المغدورة مثل القرى الكوردستانية الاخرى التي اخذت نصيبها من جريمة الانفال وراح ضحاياها اكثر من (182,000) الف انسان (بين الشيوخ والاطفال والنساء والرجال)، ومن الجدير بالذكر ان اكثر من 98% من ضحايا الانفال لم تُعثر على رفاتهم حتى الان. اقول لك بصراحة، الحديث عن جريمة الانفال، حديث مؤلم جداً، لانني أعيش معاناتها لحظةً بلحظة وتعيش في وجداني وكياني إلى ان اموت. وخاصةً عندما أرى بقاياها وأطلال خرابها أمام أعيني واتذكر تلك الأيام السوداء التي فقدت فيها جميع افراد عائلتي .وانا الان اتحدث عن الانفال.. اشعر برجفة داخل جسمي واحساس غريب جداً.
يستطرد بختيار بحزن شديد ويقول: في الانفال بدأ النظام العراقي بقصف قريتنا بشكل مكثف، وعليه قررت عائلتي ان تعود إلى قضاء طوزخورماتو (الواقع شمال بغداد ويتبع إداريًا محافظة صلاح الدين) وتستقرهناك حسب التعليمات الصادرة انذاك من علي الكيمياوي، وفعلاً بعد وصولنا إلى قضاء طوزخورماتو وبعد ايام عديدة ذهب جميع افراد عائلتي بإستثنائي (حيث رفضت الذهاب معهم و بقيت في منزل احد اقاربي) لأبلاغ الجهات المعنية بعودتهم، وهناك تم اعتقالهم فوراً، وبعد ايام عديدة اُرسلوا إلى تكريت، ثم إلى مسلخ نقرة السلمان وهناك تم تصفيتهم.
يضيف بختيار قائلاً: هكذا فقدت في جريمة الانفال بلمح البصر 17 شخصاً من عائلتي من ضمنهم (والدتي نجيمة محمد احمد مواليد 1968 ووالدي محمود كريم مواليد 1966 وشقيقي هيمن مواليد 1983 وهه ژارمواليد 1986)، وعمي احمد كريم محمود وزوجته أمينة محمد احمد واولادهم (دلٍشاد ، هه لكوت ، نه به ز ، اوات , نازدار) إضافة إلى خالتي وعمّاتي واطفالهن.
ومنذ ذلك الوقت أرى الكون مظلماً واعيش وحيداً وفي ظل العزلة والوحدة القاتلة واقف وحيداً على عتبات الذكريات التي تنقض عليّ بأستمرار مأساة الانفال الأليمة، ولن أنسى قط الدموع التي ذرفتها في ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه جميع افراد عائلتي ...هذه قصتي بإختصار شَدِيدَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بختيار محمود كريم محمد المعروف بـ (بختيارچاوەرێ) وكلمة (چاوەرێ) باللغة الكوردية تعني (مُنتظِر من انتظرَ ينتظر ، انتظارًا ، فهو مُنتظِر) عُرف بهذا الاسم بعد الانفال، وانتظارعودة عائلته من المجهول ولكن دون جدوى، فهو لايزال ينتظرهم !. ومن الجدير بالذكر ان عدد وحيدي الانفال رسمياً يبلغ 140 شخصاً فقدوا جميع افراد عوائلهم المتكون من (865) ضحية، وان 93 من وحيدي الانفال هم من اهالي منطقة كرميان (جنوب محافظة السليمانية وكركوك غرباً) المتضررة من جريمة الإبادة الجماعية .
1 ـ إستناداً إلى حكم الفقرة (1) من المادة (السادسة والخمسين) من قانون انتخاب برلمان كوردستان رقم (1) لسنة 1992 المعدل، وبناءًعلى ما عرضة العدد القانوني من اعضاء البرلمان، قرر برلمان كوردستان ـ العراق في جلسته الاعتداية المرقمة (17) المنعقدة بتاريخ 23 / 6 / 2015 ، تشريع قانون رقم (9) لسنة 2015 وعرف بقانون حقوق وامتيازات وحيد الإبادة الجماعية في إقليم كوردستان ـ العراق . الانا
التعليقات