من الواضح جدا إن إبراهيم رئيسي عندما بادر لتقديم طلب الحصول على تأشيرة دخول لأمريکا من أجل المشارکة في الاجتماع القادم للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، فإنه کان يريد من خلال الاستفادة مما يتيح له منصبه من حصانة أن يخرج أمام العالم لکي ينفض عن نفسه تهمة المشارکة في مجزرة عام 1988، الخاصة بإبادة آلاف السجناء السياسيين، کما إنه وعلى ما يبدو يريد أن يستغل ظروف وأوضاع المفاوضات النووية الجارية فيجعل الادارة الامريکية مضطرة لمسايرته والوقوف الى جانبه، لکن الذي فات رئيسي هو إنه ليس مجرد رئيس جمهورية تقليدي، وإنما هو رجل مطلوب للعدالة الدولية بتهمة إرتکاب جرائم ضد الانسانية.

النقطة التي يجب ملاحظتها وأخذها بنظر الاعتبار والاهمية هو إن القادة والمسٶولون الايرانيون لا يزالون يصرون على التصرف والتعامل بذات المنطق الذي کانوا يتعاملون به في الاعوام السابقة، وهم يعتقدون بأن إنکار الحقائق وممارسة الکذب والخداع والتمويه من شأنه أن يدرأ عنهم التهم المختلفة المحدقة بهم ويغير من سياقها، وإن رئيسي عندما قدم طلب الحصول على تأشيرة الدخول الى الولايات المتحدة فإنه کما يبدو يريد أن يتصرف ويخاطب في الولايات المتحدة أيضا کما حدث بعد إعلان فوزه عندما قال في رده على سٶال لأحد المراسلين بشأن دوره في مجزرة صيف 1988، بأن ذلك کان دفاعا عن حقوق الانسان!

التصور الخاطئ للنظام الايراني ولرئيسي شخصيا، بأن التظاهرات العارمة للإيرانيين في الشتات والنشاطات المتواصلة لمجاهدي خلق بهذا الخصوص ولاسيما وإن 90% من السجناء السياسيين الذي تم تصفيتهم في مجزرة 1988، ينتمون الى هذه المنظمة، يمکن أن تذهب سدى، لکن ما قد أعلن عنه لقاضي جيسي فورمان، قاضي محكمة المقاطعة الجنوبية في نيويورك، من تحديد موعدا هو الـ 15 من نوفمبر القادم لجلسة الاستماع الأولية للشكاوى ضد إبراهيم رئيسي، جاء بمثابة رد مناسب وأمثل على التصورات الخاطئة للنظام الايراني ورئيسي.

والجدير بالذكر أن إنياس كالامار الأمينة العامة لمنظمة عفو الدولية أعلنت فور "إنتخاب" رئيسي قبل سنة بأن يجب التحقيق مع إبراهيم رئيسي بتهمة إرتكاب جرائم ضدالإنسانية.

وطالب جاويد رحمن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران نفس المطالبة حيث أفاد في مقابلة مع "رويترز"، يوم 29 يونيو (حزيران) 2021: أعتقد أن الوقت قد حان الأن، لأن رئيسي هو الرئيس (المنتخب) وعلينا أن نبدأ تحقيقا في ما حدث عام 1988 ودور الأفراد فيه.

إذن محکمة نيويورك التي بحد ذاتها رسالة واضحة جدا للنظام الايراني ورئيسي، فإن تزايد مطالب الاوساط والشخصيات السياسية الامريکية بخصوص منع مشاركة إبراهيم رئيسي في الأمم المتحدة، دليل على إن قضية دخول رئيسي لأمريکا لن تمر أبدا بهدوء، وبهذا الصدد فقد طلب نورمان رول، أحد مديري المخابرات الأمريكية السابقين في شؤون إيران، من حكومة بايدن والأمم المتحدة يوم الجمعة، 19 أغسطس، منع حضور إبراهيم رئيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستعقد الشهر المقبل.

حسابات رئيسي في الخط العام، هي حسابات بائسة وخائبة لکونها لا يمکن أبدا أن تتفق مع الواقع، ولا سيما بعد أن صار العالم کله وبفضل من حرکة المقاضاة التي قادتها مريم رجوي، زعيمة المعارضة الايرانية، يعلم بتفاصيل مجزرة السجناء السياسيين عام 1988 والدور الدموي لإبراهيم رئيسي فيها.