طوال أکثر من عام ونصف على محادثات فيينا الخاصة بالبرنامج النووي الايراني، لم يکن هناك ما يمکن أن يدعو المجتمع الدولي للراحة والاطمئنان، بل کان هناك دائما حالة من القلق والحيرة وعدم الثقة واللاطمأنينة، والانکى من ذلك إنه کانت هناك دائما الکثير من المعلومات التي تٶکد بأن النظام الايراني يلجأ لممارسة الکذب والخداع والتمويه ويعمل على إطالة أمد المفاوضات من خلال تقديم مطالب لاعلاقة لها بالمفاوضات.

لو عدنا الى مجريات هذه المحادثات لوجدنا إنه وفي مراحل عديدة منها تم الاعلان تارة عن قرب التوصل الى إتفاق وتارة أخرى عن إحتمال فشل وإنهيار المحادثات والبحث في خيارات أخرى غير المحادثات، والآن وبعد أن صدرت تلميحات من مختلف الاطراف بأن هذه المحادثات قد وصلت الى آخر مرحلة لها، لکن الذي يثير السخرية هو إنه وکما تٶکد التصريحات الامريکية بأن الکرة في الملعب الايراني فإن طهران من جانبها تٶکد بأن الکرة في الملعب الامريکي! والاکثر سخرية من ذلك إن الطرفان يٶکدان على إستمرار المحادثات، فأين هي المرحلة الاخيرة المزعومة؟!

القصة لا تزال لم تصل للذروة وخصوصا بعد أن طفق النظام الايراني يسرب معلومات بخصوص أن مقربون من خامنئي يطالبون رئيسي بتأجيل الاتفاق النووي لشهرين آخرين فقط وإن کل شئ سيتغير لصالح النظام الايراني وحتى إن صحيفة "کيهان" المقربة من خامئي قد قالت بصراحة فجة: "نحن لسنا الطرف الذي في عجلة من أمره، فإذا استمر الوضع نحو شهرين! شهرين فقط، سيتغير الوضع من الأرض إلى السماء!"، ويبدو واضحا بأن بايدن الذي يتحف العالم بين فترة وأخرى بتصريحات هي أشبه ما تکون بمسکنات منتهية الصلاحية من أجل طمأنة العالم على حرصه على الحيلولة دون إمتلاك النظام الايراني للقنبلة النووية، ولکن السٶال هو: بماذا سيمنعهم، بهذه المفاوضات التعيسة أم بتقزمه وتقزيم أمريکا أمام نظام صار العالم کله يعلم بأنه مصدر التطرف والارهاب؟!

محادثات فيينا منذ بداياتها ولحد الان ليست إلا صفقة يمکن أن نظلم القذارة إذا ما شبهناها بها، لأنها تجري على حساب شعوب أخرى بل وحتى على حساب الامن والاستقرار الدوليين، والذي يجعلنا أن نعتقد ذلك هو إن بايدن الذي يبدو أن الکبر قد بلغ به عتيا، صار أکثر ولعا ممن کان نائبا له سابقا للمراهنة على خيار التفاوض مع نظام تمادى أکثر بکثير مما کان قد تمادى به نظامي صدام حسين ومعمر القذافي، إنها حقا مفارقة مثيرة ليس للسخرية والتهکم فقط بل وحتى التقزز والى أبعد حد، وإن الحقيقة المرة التي تهرب منها أوباما ويحرص بايدن على التهرب منها أکثر، هي إن النظام الايراني کالعقرب، والعقرب لايفيد معه إلا أن يسحق!