إستخدم ويستخدم النظام الديني المتزمت القائم في إيران منذ تأسيسه ولحد الان العامل الديني کمبررا ووسيلة لمعالجة مختلف الامور والقضايا، وهم من خلال إستخدامهم هذا العامل فإنهم يضعون من يعارضه في موقف ووضع من يعارض المقدس ويرفضه وبالتالي فإن دمه مباح! وبهذا الطرح وبهذه الوسيلة جرت مجازر قتل وإبيد خلالها الالاف من الکرد في مدن إيران المختلفة وبشکل خاص في سنندج في بدايات تأسيس هذا النظام طبقا لأوامر صادرة من الخميني وکانت ذلك بمثابة رسالة ذات معنى ليس للکرد فقط وإنما لکل القوميات الاخرى وأتباع الاديان والمذاهب المختلفة، بأن کل من يقف ضد النظام ويطالب بحقوقه فإن العامل الديني يقف له بالمرصاد.
مجزرة سنندج الدامية وماحدث من جرائم أخرى بحق المواطنين الکرد في إيران، وقفت ضدها منظمة مجاهدي خلق لوحدها وأدانتها بشدة، وهي بذلك رفضت من حيث المبدأ إستخدام وتوظيف العامل الديني في معالجة الامور والقضايا الحساسة والحيوية المختلفة، ولاسيما وإنه صار واضحا بأن النظام صار يعمم ما قد فعله بالکرد على عموم الساحة الايرانية بل وحتى إن مجاهدي خلق نفسها لم تکن بمنأى عن ذلك عندما أفتى الخميني بإبادة الالاف من السجناء السياسيين الذين کانت أغلبيتهم أعضاء في المنظمة.
التمعن في المناطق التي يقطنها البلوش والعرب والکرد والآذريين وغيرهم، وما قام ويقوم به هذا النظام من تمييز عرقي أو مذهبي بحقهم ومصادرة حقوقهم الاساسية، وبشکل خاص لو أخذنا محافظة سيستان وبلوشستان نموذجا، فإننا الادلة لا تحصى بخصوص التمييز العرقي والمذهبي الذي يمارسه النظام ضد المواطنين البلوش، إذ تنعدم مدارس ولا وجود للکهرباء والمياه الصالحة للشرب في العديد من قرى هذه المحافظة. والملفت للنظر إن الفقر الاقتصادي وعدم وجود مدارس أو وجودها في أماکن بعيدة الى جانب حظر التدريس باللغة الأم، تعد من العوامل الرئيسية لإنتشار الجهل في هذه المحافظة وتقاعس الاطفال عن التعليم فيها.
الظلم الذي لحق ويلحق بالبلوش لا يقف عن حد ما ذکرناه أعلاه، بل إنه يتجاوزه ذلك إن هناك الالاف من البلوش الذين لم يتم تسجيل أسمائهم كمواطنين إيرانيين في مكتب السجل المدني، وليست لديهم شهادات ميلاد. والى جانب ذلك فإنه وعلى خلفية شيوع البطالة والفقر في هذه المنطقة وجفاف الانهار ونتيجة للسياسات غير المدروسة للنظام وتدمير البنية التحتية الصناعية والإنتاجية فيها؛ فقد إنتشرت مهنة نقل الوقود في مختلف مدن هذه المحافظة، إلا أن المسؤولين الحكوميين يجبرونهم على دفع رشاوى بالابتزاز، وإذا رفضوا دفع الرشوة، يطلقون النار عليهم ويموت بعضهم نتيجة لإطلاق الرصاص المباشر عليهم کما جرى ويجري مع العتالين الکرد في المناطق الحدودية، ويموت البعض الآخر حرقا بعد اشتعال النار في دراجاتهم النارية أو سياراتهم. ويحدث هذا على الرغم من أن قوات الحرس الثوري يمتلكون بداية خيط تهريب ملايين الأطنان من النفط، حيث أنهم يسيطرون على ميناء جابهار في محافظة سيستان وبلوشستان، ويقدر دخلهم بمليارات الدولارات من خلال الصادرات والواردات المهربة.
من المهم القول بأن الإظطهاد والممارسات القمعية تشمل معظم الايرانيين لکن مع ملاحظة إن الاقليات العرقية والدينية تحظى بإضطهاد مضاعف، والحقيقة الماثلة هي إن النظام ليس لا يقدر على حل مشکلة الاقليات العرقية والدينية بل إنه أساسا لا يريد حلها ويصر على ذلك وحتى إنه يعتبر حلها مناقضا لأفکاره ومفاهيمه، غير إن الذي يلفت النظر أکثر هو إن منظمة مجاهدي خلق التي کما أسلفنا وقفت بوجه مجزرة سنندج وإستنکرتها، هي بنفسها ومن خلال خطة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية المکونة من 12 بندا، والمتعلقة بالحکم الذاتي لکردستان الايرانية والتي تمت الموافقة عليها في عام 1993، أي في ذروة قوة النظام الايراني وجبروته، فإنها خطت خطوة عملية رائدة بهذا الصدد يمکن سحبها على حل باقي مشاکل الاقليات العرقية في إيران.
ومن الخطأ التصور بأن ما أعلنه المجلس الوطني للمقاومة الايرانية کان مجرد تکتيکا أو ماشابه ذلك إن السيدة مريم رجوي في مقابلة لها مع صحيفة الاهرام الدولي في 25/أکتوبر/2011، قالت: "على الجانب الآخر تماما من نظام ولاية الفقيه نطالب بالكف عن القمع المضاعف لكافة التنوع الوطني في بلادنا في إطار وحدة إيرانية غير قابلة للتجزئة. ويجب أن يتمكن مواطنونا إلى جانب أصحاب القوميات والثقافات واللغات المختلفة من المشاركة على قدم المساواة في اتخاذ القرارات الوطنية، وينبغي أن يتمكنوا من الحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية واللغوية، ويجب أن يسمح لهم بالتحدث بلغتهم الأم ونشرها وبالعمل وبالدراسة".