تزداد بكثافة لافتة انتشار غير محمود لثقافات مضطربة في كثير من وسائل الإعلام الغربية قبل بداية وخلال فعاليات كأس العالم 2022 في الشقيقة قطر وهو ما يعكس روح غير رياضية في التعامل مع الواقع دون استهداف انتقائي وتشويه متعمد.
مونديال قطر 2022 أصبح واقعاً بالرغم من جميع التحديات التي انطلقت منذ قرار إقامة كأس العالم في العاصمة الدوحة، فقد تنوعت التحديات منها المصطنع ومنها المشروع إلى حد ما، ولكن تفوقت باحتراف هذه الدولة الخليجية الصغيرة في التغلب على شتى التحديات.
تجاوزت "دوحة العرب" كافة المتطلبات الرياضية والاختبارات التنظيمية باحتراف رياضي وثقافي وسياسي حيث برهنت عليه الاستعدادات اللافتة وبدقة متناهية ودون تسخير قطري لوسائل الإعلام القطرية في مواجهة حملة انتقائية ممنهجة ضد دولة قطر وعادات وتقاليد عربية وإسلامية ليست حديثة المنشأ.
من غير المفيد ضياع الزمن الإعلامي في الدخول بمواجهات غير متكافئة بالرد على كل ما يثار في الإعلام الغربي عما يتعلق بمظاهر اجتماعية مُستحسنة غربياً وليس عربياً وإسلامياً، وهو أمر ليس بجديد على عالمين مختلفين تماماً.
فمن الواضح أن ثمة انحياز ثقافي عميق ضد ثقافات تاريخية في قطر والعالم العربي أيضاً، بل أنه انحياز انتقائي غير مهني في مضمونه وأهدافه الإعلامية ولكن لعله انحياز يقود بنهاية المطاف إلى تقبل لثقافات أخرى واحترامها دون القفز على تاريخها.
صراع الحضارات ليس أمرا جديداً وكذلك الحال في صراع الثقافات سواء على مستوى الأقاليم الواحدة أو المتعددة والمختلفة، فهو صراع تاريخي بين قوى محافظة دينياً واجتماعياً وأخرى متفتحة ومستنيرة ثقافياً.
لكننا نواجه اليوم نوعاً من الإرهاب الإعلامي الغربي لدى كثير من وسائل الإعلام والصحف الغربية ضد قطر وفعاليات المونديال العالمية إلى درجة فقدان الروح الرياضية والإعلام الهادف والنقد البناء والتعامل المهني في التعامل مع محفل رياضي باهر تنظيماً ونشاطاً!
برهن مونديال قطر الدولي على جدلية إعلامية أزلية بين ثقافات غربية منحازة بشكل لافت ضد أخرى عربية، لكنها انحصرت اليوم في جوانب شكلية تتعلق باللباس والشعار للمثليين وهو فيما أحسب تجني على حقائق واستعدادات تنظيمية بارزة في دولة قطر.
لم تجعل قطر أو الإعلام العربي والخليجي الرصينين جل الهدف تحريم أو تجريم قضية سلوكية اجتماعية بالرغم من وجود ديانات متحفظة ورافضة للمثليين وممارسات أخرى في الغرب انطلاقاً من احترام التعددية الثقافية وحرية الاعتقاد.
ينبغي أن تظل جميع القضايا السلوكية الاجتماعية محل تفهم واحترام لدى جميع الأطراف الإعلامية والبلدان الغربية ككل حتى يسود فهم وتفهم مماثل لموقف عربي وخليجي وإسلامي لأي قضية سلوكية حتى لو كانت قابلة للجدل الإعلامي أو الاجتماعي أو الديني.
لعل مونديال قطر 2022 يمهد الطريق نحو ترسيخ التعددية الثقافية واحترامها في جميع الدول لتجاوز صراع إعلامي مصطنع لغايات مسمومة بمصالح ربما سياسية أو دينية أو اجتماعية.
ولعله مهم أيضاَ أن تتلقف وسائل الإعلام الغربية والعربية العريقة وربما مراكز البحوث المهتمة مناقشة مهنية وموضوعية لتناقضات إعلامية وثقافية خارج اسوار قواعد الإعلام غير المحايد بعد انفجار اضطرابات ثقافية غربية انتقائية.
يبدو جلياً أن الغرب لا زال أسيراً للنظرة الدونية للشرق العربي والخليجي خاصة، في حين تتفتح العقول في دول خليجية صغيرة كقطر في تجاوز إشكاليات سلوكية اجتماعية وثقافية غربية لا ينبغي أن تكون محل جدلاً بلا حدود.