كانت السنوات التي سيطرت بها تنظيمات داعش الإرهابية على مدن نينوى، الأنبار وصلاح الدين كفيلة للإحاطة بأساليب تلك التنظيمات علمًا من خلال الممارسات التي كانت واضحة أمام الملأ او من خلال استنتاجات المواطنين داخل تلك المدن أبان السيطرة، من اهم تلك الممارسات بدأت مع زيارة المقبور (ابو بكر البغدادي) المشؤومة لمدينة الموصل وخطبته في الجامع الكبير عام 2014، حيث قامت عناصره المختصة بعملية تشويش لإشارات الهواتف النقالة والأنترنيت على بُعد عشرات الكيلومترات من نقطة تواجد البغدادي، واستخدامهم ايضا فيما بعد رصد اشارات الهواتف بعد منعها من الإستخدام من قبل المواطنين وهذا يؤكد حقيقة معروفة أن الجماعات الإرهابية سارعت إلى التكيف مع التطورات التكنولوجية لتعزيز أجنداتها.

الذكاء الاصطناعي (AI) ليس استثناءً من هذا الاتجاه. في حين أن هناك بحثًا محدودًا حول هذا الموضوع، كانت هناك تقارير عن جماعات إرهابية تستكشف استخدامات الذكاء الاصطناعي لأغراض مختلفة.

أحد هذه الاستخدامات المحتملة للذكاء الاصطناعي من قبل الجماعات الإرهابية هو الدعاية والتجنيد حيث يمكن استخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتفاعل مع الأفراد على منصات التواصل الاجتماعي، مثل Facebook و Twitter. يمكن برمجة روبوتات المحادثة هذه لإرسال رسائل آلية والرد على الأسئلة، مما يسهل على الإرهابيين الوصول إلى جمهور أوسع ونشر دعايتهم.

ليس من السهل دائمًا التمييز بين الإنسان والروبوت في محادثة الدردشة ان تمت برمجته بالذكاء الإصطناعي. ومع ذلك، هناك بعض القرائن التي يمكن أن تساعدك في التوصل إلى تخمين متعلم:

تناسق وقت الاستجابة: عادة ما تكون روبوتات الذكاء الاصطناعي متسقة للغاية في أوقات استجابتها، في حين أن البشر قد يستغرقون وقتًا أطول للاستجابة أو لديهم أوقات استجابة متفاوتة.

أسلوب الكتابة واستخدام اللغة: قد يكون لروبوتات الذكاء الاصطناعي طريقة أكثر آلية ومعقولة في التحدث، وذلك باستخدام عبارات قياسية ومجموعة محدودة من المفردات. من ناحية أخرى، قد يستخدم البشر لغة عامية أكثر ويغيرون لهجتهم وأسلوبهم في التحدث.

الردود على أسئلة محددة: قد تكافح روبوتات الذكاء الاصطناعي للرد على أسئلة محددة خارج نطاق معرفتهم أو قدراتهم المبرمجة مسبقًا، في حين يمكن للبشر الاعتماد على خبراتهم ومعرفتهم لتقديم إجابات أكثر تفصيلاً ودقة.

فهم السياق: قد تكافح روبوتات الذكاء الاصطناعي لفهم الفروق الدقيقة وسياق المحادثة، في حين يمكن للبشر التقاط الإشارات وتقديم استجابات أكثر تفكيرًا وتعاطفًا.

ومع ذلك، مع التقدم في الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية، أصبح من الصعب بشكل متزايد التمييز بين روبوتات الذكاء الاصطناعي والبشر في محادثات الدردشة. في النهاية، الطريقة الوحيدة للتأكد من ذلك هي سؤال الشخص الآخر مباشرةً عما إذا كان إنسانًا أم روبوتًا يعمل بالذكاء الاصطناعي.

أيضًا من استخدامات الذكاء الإصطناعي المحتمل من قِبَل المجاميع الإرهابية هي التخطيط التشغيلي والتنفيذ حيث يمكن استخدامه لتحليل البيانات وتحديد الأنماط التي يمكن استخدامها للتخطيط للهجمات بشكل أكثر كفاءة، ويمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير شبكات اتصال متطورة يصعب على وكالات الاستخبارات اكتشافها كما حصل في مدينة الموصل بعد تعطيل اشارة الهواتف كانت هناك شبكات خاصة يتم تبادل التعليمات فيما بين عناصر داعش الارهابية.

علاوة على ذلك، هناك مخاوف من إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أسلحة مستقلة، يمكن أن تستخدمها الجماعات الإرهابية لتنفيذ هجمات دون تدخل بشري. يمكن برمجة مثل هذه الأسلحة لتحديد واستهداف أفراد أو مجموعات معينة، مما يجعلها أكثر كفاءة وفتكًا من الأسلحة التقليدية.

بشكل عام، يمثل استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الجماعات الإرهابية تحديًا كبيرًا للحكومات والوكالات الأمنية. من الضروري تطوير استراتيجيات وتقنيات لمواجهة التهديدات المحتملة التي يشكلها الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك مراقبة منصات التواصل الاجتماعي وتطوير أدوات قائمة على الذكاء الاصطناعي للكشف عن الهجمات الإرهابية ومنعها.