في مثل يوم السابع والعشرين من رمضان، وقبل ستة أعوام انعقدت البيعة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مكة المكرمة بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً في قصر الصفا العامر بجوار المسجد الحرام، حيث كنت ضمن ما يتجاوز الفين و أكثر من المواطنين ممن تم لهم شرف مبايعته ولياً للعهد.

وهكذا تمر السنوات لنرى الكثير من الانجازات التي قام بها ولي العهد في السنوات الماضية وكان على رأس ذاك الشروع في التخطيط لرؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني الذي لا نزال حتى اليوم نشهد تطورهما في العديد من المشاريع الوطنية العملاقة.

البيعة عهد اختاره المسلمون ليكون دلالة على طاعة ولي الأمر في المنشط والمكره، وأهمية هذه الطاعة تتميز في كونها سبباً لمفاتيح كثيرة تتصل بالأمن والرخاء والوحدة والتعايش والسلام، وكل واحد من هذه المفاهيم يمثل ركناً من أركان الحياة المزدهرة، فلا أمن ولا وحجة ولا سلام ولا رخاء ولا تعايش إذا نزع المواطنون يد الطاعة عن ولي أمرهم، الأمر الذي سيكون سبباً للكثير من المتاعب والمصائب والفتن والحروب التي نراها اليوم من حولنا في العديد من الدول المجاورة وآخرها دولة السودان الشقيقة التي نتمنى لأهلها السلام والطمأنينة وعودة الأمن إلى ربوعها.

إن عهد البيعة الذي توارثه الملوك الكرام عن الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، هو عهد عريق توالى عليه أئمة الدولة السعودية الأولى والثانية وصولاً إلى الدولة السعودية الثالثة التي واجه الملك عبد العزيز من أجل تكوينها زمناً مختلفاً (بداية القرن العشرين) حيث كان قرنا تتشكل فيه الكثير من الكيانات لتأسيس الدولة العربية الوطنية.

بالبيعة كانت الوحدة، وبالبيعة أتى الاستقرار والسلام إلى ربوع بلادنا العزيزة بعد عهود من الفوضى، وبالبيعة ازدهرت الحياة في بلادنا المملكة العربية السعودية لترتاد اليوم في هذا العهد الزاهر للملك سلمان بن عبد العزيز آفاقاً متقدمة من التطور والانفتاح على يد ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء.

إن نظام البيعة في المملكة العربية السعودية نظام شرعي لا يؤسس فقط لصيانة الدولة والمجتمع واستقرارهما، بالبيعة الشرعية للملك، وإنما كذلك بالبيعة الشرعية لولي العهد، وفي هذه الأخيرة ضمان لاستمرار الشرعية والملك وثبات أركان الدولة وضمان للانتقال السلس للسلطة بدون عقبات كأداء.

إن البيعة بولاية العهد للأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – قبل سنوات ست في مكة المكرمة كانت مناسبة عظيمة لإطلاق قدرات قيادية لأمير تميز بالكثير من الصفات التي أهلته لريادة أعمال الدولة في خطط ذكية وطرائق مبتكرة ومشاريع طموحة ورؤية تحاول الاستمرار في السير على الطريق الصعب وقبول تحديات كان انجازها على يده وفقه الله وسدده عبر الحلول التي أنجز بها ملفات كبيرة في سنوات قليلة تلت البيعة أثبتت للكثيرين فراسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في تكليف ولي العهد لإنجاز تلك الملفات الكبرى.

فما تم خلال السنوات الست على يد ولي العهد من تحولات كبرى غيرت وجه المملكة مرةً وإلى الأبد في العديد من المستويات الحيوية للسياسة والاقتصاد والأمن، حيث رسمت استراتيجيات لاتزال تراهن اليوم على حيويتها وتأثيرها الكبير الذي خلفته في حياة المواطنين.

إن البيعة هي أيضاً تفويض لولي العهد ليضمن به الكثير من استحقاقات المواطنين وإنجازها وتسهيلها بكل السبل المتيسرة.

لقد كانت البيعة لولي العهد قبل 6 سنوات مفتاحاً فتح به الكثير من الانجازات، ذلك أن البيعة بما هي تمثَّل لطاعة ولي العهد من قبل المواطنين فإنها في الوقت ذاته مهمة استشراف لولي العهد تخوله الكثير من الاستحقاقات التي هي في أعلى قائمة واجباته ضمن مهمة الرجل الثاني في الدولة.

إن التقدم النوعي الذي شهدته ملفات عديدة في خلال ست سنوات في مجال الاقتصاد والسياسة والتحديث والحوسبة يقف شاهداً على أثر البيعة التي من شأنها أن تكون تعبيراً عن علاقة وثيقة من الطاعة والولاء والحب بين ولي العهد محمد بن سلمان وبين المواطنين

تلك السنوات التي نستشرف اليوم ذكراها السادسة كان سنوات كشفت عن الكثير من المفاجآت الوطنية والمشاريع الطموحة والخطط الاستراتيجية لتحسين جودة الحياة وتأمين الموقع الجيوسياسي للمملكة العربية بخطط غير تقليدية وبمبادرات جسورة تكشف عن الإيمان العميق للأمير محمد بن سلمان بدور السعودية وضرورة ضمان أمنها وازدهارها، فكان التفكير خارج الصندوق من أهم الاستراتيجيات التي راهن عليها سمو ولي العهد في العديد من الملفات، وها نحن نرى بلادنا المملكة العربية السعودية اليوم تستشرف آفاقاً بعيدة وترتاد طرقاً جديدة عرف ولي العهد حفظه الله أن يختبر بها ما يجعله متقدماً باستمرار في ارتياد الأساليب التي تحدث اختراقات غير مسبوقة.

نحن نعيش اليوم عالماً تتسارع خطاه بوتائر بالغة التعقيد والذكاء ويحتاج منا إلى معرفته على ما هو عليه أولاً والتعامل معه بأفضل الطرق التي تؤدي إلى نيل الغايات.

لقد كشفت السنوات الست كيف أن ولي العهد الأمير أحدث فرقاً حقيقياً غير وجه الحياة في بلادنا باتجاه جديد ورؤى جديدة وأساليب جديدة تتفاعل مع العالم وتتشارك فيه التجارب وتتعلم منه الكثير وتعطي لذلك العالم ما يمكن أن يفيده، لأن الرؤية الاستراتيجية في التعامل مع أحوال العالم من حولنا تقتضي منا دائماً مرونةً وانفتاحاً.

ها هي بلادنا المملكة العربية السعودية تخطو اليوم خطى واسعة في مجالات شتى، ولا تعرف الرجوع أو التقهقر فقد ألهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – أجيالاً من الشباب في المملكة العربية السعودية لارتياد طرق جديدة ومسارات جديدة حين فجر طاقات أولئك الشباب والشابات بكل ما أعانهم على أن يكون فاعلين وإيجابيين في كل المشاريع المستقبلية الطموحة التي ضخت دماءً جديدة في الحياة والمجال العام بصورة لم تكن مسبوقةً من قبل. وكل ذلك بسبب فراسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبد العزيز وإدراكه بأن السعودية الشابة تحتاج إلى ولي عهد شاب. فكان انه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان الملك القادم بعد عمر مديد لخادم الحرمين الملك سلمان حفضه الله وايده وسدده.