المنافسة والبحث عن الاسلوب الجديد لكسب ود الناخب الامريكي هو ما يشغل بال مفكري الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الامريكية، الديمقراطي والجمهوري. الديمقراطيون لا يمتلكون خطاب سياسي واضح ولكنهم يجيدون الخداع والتلاعب بالمفردات ولهم القدرة على استغلال بعض الهفوات التي يقع فيها الجمهوريون خاصة وانهم يمتلكون آلة اعلامية كبيرة ووجودهم في الحكم دائماً يسبب إرباك للوضع الداخلي والازمات وارتفاع نسبة الجريمة والبطالة وارتفاع العجز والتضخم وازدياد عدد المهاجرين من امريكا اللاتينية وهشاشة الموقف الامريكي في المحافل الدولية والانهيار الاقتصادي والتشجيع على القوانين التي تنعكس سلباً على العائلة الامريكية والاخلاق الاجتماعية كقوانين الاجهاض والمثلية الجنسية يعني بمعنى آخر فأن أفكار الديمقراطين في الحكم هو اضعاف لأمريكا وتدمير للقيم الاخلاقية والإنسانية في داخل وخارج أمريكا، ورغم ذلك يستطيعون هؤلاء الديمقراطيون من الحصول على صوت الناخب الامريكي. لماذا ؟ هل ان الناخب الامريكي جاهل للحد الذي يمكن خداعه؟ أم ان الديمقراطيين يمتلكون اللغز في مخاطبة الناخب الامريكي؟

الحقيقة الناخب الامريكي ليس جاهلاً ولكنهم يخاطبونه بما يجهل فيصنعون منه إنساناً جاهلاً واسلوب خطابهم التعظيم لبعض الاخطاء التي يقع فيها الجمهوريون وهي ليست اخطاء بقدر ما هي حرص وحب لأمريكا، فمثلاً يقنعون الناخب المسلم بأن الجمهوريين يريدون فرض المسيحية على المجتمع الامريكي والعالم فيثور الناخب المسلم امتعاضاً من الجمهوريين وينسى بأن التشريعات التي أتى بها الديمقراطيون هي ضد جميع الديانات السماوية مثل حق الاجهاض والمثلية الجنسية وتفتيت الروابط الاسرية، كل هذه التشريعات لا يلتفت اليها الناخب المسلم فقط يلتفت لبعض الجمهوريين انهم تحدثوا عن اهمية الدين المسيحي، ويحدثون الناخب ذو الاصول الهندية والافريقية واللاتينية عن العنصرية عند الجمهوريين والتركيز على لون البشرة كي يبعدوا تفكيره عن الفشل الذي يصاحب عمل الديمقراطيين اثناء حكمهم، وكذلك تجد الديمقراطيين لهم القدرة على افتعال اتهامات ضد قيادات الحزب الجمهوري، منها اتهامات تخص الشرف والتهرب الضريبي وتشويه السمعة في الوقت الذي تجد بعض مرشحي الحزب الديمقراطي يمارسون المثلية الجنسية علناً دون اي احترام للدين والاخلاق ورغم ذلك فأن الناخب الامريكي يذهب الى اختيار مرشحه من الحزب الديمقراطي خوفاً من البعبع الجمهوري الذي ترسخ في عقلية الناخب الامريكي بأن الجمهوريين سينهون حياته وسيرمونه في البحر، هذا في الوقت الذي تجد فيه الجمهوريين لا يبالون كثيراً لكل هذا الكم من الهجوم الاعلامي وتشويه السمعة ولا يحاولون تبرئة ساحتهم وفضح الاعلام الديمقراطي الكاذب، يسكتون فقط لأجل الحفاظ على مصداقيتهم امام الناخب الامريكي بأنهم لا يكذبون حتى وان خسروا الانتخابات فهم محافظون وواثقون، محافظون على منهجيتهم وهي ان تبقى امريكا الدولة الاعظم في العالم ويبقى الشعب الامريكي عزيز بين الشعوب ويبقى المواطن الامريكي مرفوع الرأس، وواثقون بقدرتهم على العودة الى الحكم متى ما شاءوا لأن قادة الحزب الجمهوري هم بالحقيقة كبار الاغنياء في امريكا وان اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية قائم بهم ويستطيعون اسقاط اية حكومة ديمقراطية بمجرد سحب ايديهم من السوق اثناء حكم الديمقراطيون فتسقط حكومة الديمقراطيين بكل سهولة لكنهم لا يستخدمون نفوذهم في صراع الانتخابات. وثقتهم هذه نابعة من امكانياتهم الهائلة وشعبيتهم بين الطبقات الواعية والمثقفة.

خلال السنين الاخيرة وخاصة في عهد الرئيس باراك اوباما وما تلاه نلاحظ ان الديمقراطيين اصبحوا يعتمدون على طريقتين للفوز في الانتخابات، الطريقة الاولى الكذب في كل شيء والطريقة الثانية الاتهامات الباطلة المجحفة للجمهوريين، واستطاع الديمقراطيون بهاتين الطريقتين وبوجود آلة اعلامية كبيرة من الفوز بالانتخابات في الدورات الانتخابية الاخيرة، ولا ننسى بأن الدول المعادية لأمريكا تفعل المستحيل لأجل ان يفوز الديمقراطيون في الانتخابات لأن ذلك سيضمن لهم بقاء امريكا ضعيفة تتخبط سياسياً وتنجرف نحو السقوط الاخلاقي للمجتمع الامريكي الذي يخططون له ويعتبروه هو الامل الوحيد لزحزحة امريكا من قمة الهرم الدولي وهذا يعني ان سقوط امريكا في المستقبل القريب سيكون ممكناً إذا استمر تواجد الديمقراطيين في السلطة لفترات طويلة فأن دراسات الحضارات اثبتت بأن معظم الحضارات في التأريخ سقطت بعد ان سقطت القيم الاخلاقية لتلك الحضارات، وهذا هو رهان اعداء امريكا اليوم وان خير من يستطيع تنفيذ هذه المهمة هم الديمقراطيون. ورغم ذلك ما نلاحظه عند الجانب الأخر وهم الجمهوريين لا يسعون الى تطوير آلية عملهم السياسي ولا يسعون الى اعطاء فرصة أكبر للأقليات العرقية التي تنمو بشكل متسارع داخل المجتمع الامريكي. وهذه الاخطاء كلفت الجمهوريين في السابق خسارات كبيرة وستكلفهم أكثر لو استمروا بهذا الجمود.

عودة ترامب ستكون ضرورة تأريخية لتصحيح المسار الخاطىء الذي أرتكبه الديمقراطيون خلال ثلاثة دورات انتخابية وستكون عودة ميمونة للقيم الامريكية الاصيلة ودحر لكل قوى الظلام في العالم.