شعب الله والاخوان معركة كل العصور. وبالطبع كل طرف مسلّح بنصوصه المقدسة وفقهائه ورسله وأنبيائه. وهؤلاء لا يأتيهم الباطل.
الاول لديه وعد في اسفاره المقدسة بحيازة هذه الارض التي تفيض أو التي كانت تفيض لبنًا وعسلًا، والثاني موعود في تراثه بأن تنطق الحجارة لتكشف أن خلفها يختبئ يهودي فهلم اقتله.
والمعارك بين الفرقتين قديمة قدم الرسالات عينها، والمفارقة ان الاثنين يدعون أنهم أتباع إلهٍ واحد..
ولقد انتزعت حماس في غزة وكالة كل المسلمين في كل العالم عنوةً، فهي تريد المواجهة كونية باعتبار ان العالم الاسلامي ممثلاً في حماس كله في مواجهة اسرائيل أو الكيان الصهيوني كما يسمونه..
ولا شك أن حماس، وبهذه الصفة تتلقى دعمًا مستترًا من كل ممولي هذا الصراع لضمان استمراره..
وفي المقابل تتلقى اسرائيل دعمًا مكشوفًا لأن الصراع تحوّل من صراع سياسي جغرافي الى صراع ديني عقائدي، ما أفقده تعاطف الغرب "العلماني". وحتى في الوقت الذي ظن فيه العالم ان هناك حلولا في الأفق، ظهر المتطرفون من الجانبين على الساحة، فقتلوا رابين وانقسم الفلسطينيون ليظل الدم طازجًا ويظل الصراع مؤججًا. لأن انتهاء هذا الصراع يعني انتهاء كيانات تتغذى على استمراريته. ففي الصراعات السياسية ينعت العدو عدوه بشتى النعوت ثم يجلس الجميع مع بعضهم وتحل الصراعات.
أما في الصراعات الدينية، فكل عدو ينعت عدوه بعدو الله ومن ثم تصبح الذات الالهية طرفًا في الصراع وبالتالي، لا حلول أرضية له، فيظل الصراع قائمًا.
وكما أسلفنا فان نهايته تعني بالضرورة نهاية كل المرتزقين من استمراره. فهناك دول وكيانات كل مقومات وجودها قضيتين لا ثالث لهما: "هذا الصراع وحجاب المرأة".
ولو تخيلنا للحظه أن هذا الصراع انتهى وتمردت المرأة وخلعت حجابها، ترى كم كيان ديني في العالم سيظل على حاله؟
ورغم تساؤلات كبرى مبهمة تظل تحيط بهذا الحدث الدراماتيكي، إلا أن مايعنينا هو النتائج. هل تُحلّ القضية أم ان صلاحيتها قد امتدت لقرنٍ آخر من الزمن؟
وهناك تساؤل آخر مهم: هل مايحدث الآن (تدك الآن غزه على رؤوس سكانها ومقطوع عنها الماء والكهرباء والوقود وكل مقومات الحياة) لم يتوقعه إخوان غزة، وقد بدأ الآن الصراخ على كل الشاشات لطلب هدنة، أم أن مايحدث كان متوقعًا ومرسومًا ومتفقًا عليه بين "كل الاطراف"، حيث الجميع فائزون؟
سكان غزة بالطبع سيفرّون من هذا الجحيم. وبالطبع الاتجاه الوحيد والمعبر الوحيد الآمن هو رفح. وعليه ستضغط جحافل الفارين من الرعب موجهين من راسمي الخطة مع دعوات التعاطف من الداخل. وستنفلت زمام الامور ليبدأ زحف مليون آدمي لاجتياح كل ما يعترض طريقهم من رفح الى سيناء.
وهنا سيبدأ فصل جديد حيث تدخل إسرائيل غزة، ولا تخرج منها الى الابد، فتصبح كرة النار في قلب مصر، وتقام المخيمات وتبدأ فصائل الاخوان أو عناصر القسام في التخطيط والتخريب.
وبالطبع المجتمع الدولي سيرعى مخطط الاخوان القديم المعروف والمنشور للجميع. سيناء أو نصفها مقابل شريحة من النقب كمنطقة عازلة لحماية إسرائيل. فتصبح مصر هي ضحية مؤامرة قادها اخوان حماس، وهم يعلمون تمامًا ماذا ستفعل إسرائيل.
أما هذا الصراخ عن هدنة أو ايقاف القتل، فهو آذان في مالطة. ولن تتوقف اسرائيل الا بعد تهجير حماس الى مصر أو إبادتها تمامًا.
وبعد نشر فيديوهات حماس (المشرّفة) لما فعلته بالمناطق التي تسللت اليها أصبح المجتمع الدولي مهيأ تمامًا لقبول هذه الحلول. حيث لا ذرة تعاطف مع الفلسطينيين.
وبينما ننقر حروف هذا الطرح تُطلِق كل الأبواق النداءات المتكررة لسكان غزة بالنزوح الى مصر،..
وما تمنيت في حياتي أن تكونى تحليلاتي مخطئة كما أتمنى اليوم، وان غدا لناظره قريب..