من واحدة من دول محور الشر في قائمة الإدارة الأميركية، تتحول دولة الملالي إلى واحدة من الحلفاء المهمين للإدارة الأميركية بحد قول وتصريحات مسؤولين أميركيين كبار، وما تقوله الممارسات السائدة على الأرض في ما يتعلق بالعراق وسوريا واليمن ومؤخراً أحداث حرب غزة... وأما تفجيرات كرمان، وقصف أربيل وقصف الملالي لباكستان ورد باكستان على الملالي فهي من نفس فصيلة الأحداث والسبل التي تتبعها مراكز القوى لدى ملالي طهران كمتنفس لأزماتهم وظناً منهم أنها الطريقة المُثلى للخروج من عنق الزجاجة. ولم يكن قصف أربيل مركز جمهورية العشيرة أول قصف تتعرض له منذ تسعينيات القرن الماضي ولن يكون الأخير. فلطالما قصف الملالي الأراضي العراقية سواء في كردستان العراق أو في مناطق عراقية أخرى بعد انتهاء حرب الملالي على الدول العربية، وكان العراق حائط الصد أمام عدوانهم، وبعد افتراس العراق بالتآمر، بات من السهل الإيقاع بالدول العربية واحدة تلو الأخرى كفرائس للغرب، وما الملالي إلا صيادين بالأجرة يخدمون مصالح الغرب مقابل تقاسم النفوذ في المنطقة بين أفاعي طهران والصهاينة، وفق سياسة الكل رابح ما عدا العرب.

بالحماقة والسفاهة يحكمون إيران ويسعون بالحقد والغل والكراهية بلا رشدٍ إلى خلافة كونية... والمشكلة أنه بقبول عربي ومباركة دولية...

عجباً لهذا الكره الذي يكرهه الملالي وكبيرهم للعرب وللشعب الفلسطيني. يبدو أن أفاعي ولاية الفقيه هي من أسس منظمة التحرير الفلسطينية وكان تأسيسها بعد عام 1979، كما يبدو من ذلك أيضاً أن أفاعي الملالي يريدون اختزال مسيرة نضال الشعب الفلسطيني الطويلة التي تقارب المئة عام في بضع سنين تغنى فيها الملالي بشعار القدس وتحرير فلسطين... منظمة التحرير الفلسطينية تعلم الدنيا النضال والتضحية والفداء وتأتي أفاعي الملالي لتصادر كل ذلك التاريخ ونكتشف ببركة الملالي أنهم من علم الفلسطينيين النضال وأن كفاح وصمود الفلسطينيين جاء بفعل تأثر الفلسطينيين بفكر الملالي الثوري ومدرستهم النضالية، على افتراض أنَّ لديهم فكر وأن فكرهم ثوري وأن لديهم مدرسة نضالية.

ماذا يمكن للمرء أن يتوقع من أفاعي طهران بعد تاريخهم الدموي المُضل هذا طيلة أربعة عقود ونصف، ولم يُنصِفوا الشعب الإيراني ولا الشيعة الذين يتحدثون باسمهم، ولم يسلم القاصي والداني من كذبهم وادعاءاتهم، فهل يُنصِفون الشعب الفلسطيني الذي يكرهونه، ولا زلنا نتذكر ما فعله الملالي بواسطة مرتزقتهم بالفلسطينيين الذي كانوا يقيمون في العراق وأغلبهم من أنصار منظمة التحرير وفتح والجبهة الشعبية وغير ذلك من التيارات الفلسطينية الرافضة للملالي وتوجههم الهدام في فلسطين بعدما شقوا الصفوف سعياً إلى نزع الشرعية من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وقد أفلحوا في ذلك، ورحب به الصهاينة لأنه يخدم مصالحهم.

إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟

ظن البعض أنَّ مشروع الفوضى الخلاقة قد بدأ في الشرق الأوسط سنة 2003 باحتلال العراق، وخلط الكثيرون بين الفوضى الخلاقة التي بدأت ملامحها مع بدء ظهور قوى التحرر العربية التي نادت بالتحرر من الاستعمار وبين مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بدأ في سنة 2004 بعد خطوة احتلال العراق، وقد قام مشروع الفوضى الخلاقة على مراحل كان أولها إهداء فلسطين للصهاينة على يد الانكليز بعد وعد بلفور سنة 1917 ثم جاءت المرحلة الثانية بنكبة سنة 1948 والحروب التي تلتها ثم أعقبها عملية استنزاف العراق في حرب داخلية مع متمردين أكراد يدعمهم شاه إيران الذي قام بحل تنظيماتهم وسحب أسلحتهم في عملية أسماها الأكراد في حينها بالطاحونة الفارغة بعد اتفاقية الجزائر عام 1975، ثم جاءت بعد ذلك الثورة الوطنية الإيرانية المظفرة عام 1979 التي سلبها الملالي المخادعين بدعم من الغرب، وسُلٍمت السلطة في إيران للملالي كخلفاء لدكتاتورية الشاه وتحول حلم الشعب الإيراني بالحرية والازدهار إلى كابوس له وللمنطقة على حد سواء، حيث تحول الملالي إلى أداة طيعة بيد الغرب، والمرحلة التي تلت ذلك كانت الحرب على العراق التي كان القصد منها نزع قدرات العراق ليس إلا. ثم جاءت عملية احتلال الكويت وتحريرها الضربة القاضية للعراق والعرب جميعاً من بعده، ثم جاءت عملية تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق أمنية بقرار دولي (الخط 36 شمالاً والخط 32 جنوباً والمنطقة الوسطى) وفقد العراق السيادة على المنطقة الشمالية التي سُميت بالمنطقة الآمنة، وعلى المنطقة الجنوبية التي سُميت بمنطقة حظر الطيران، وفُرِض حِصارٌ جائرٌ بعدها على العراق استنزف قدراته وقتل أطفاله وشيوخه... أعقبت ذلك اتفاقية النفط مقابل الغذاء، التي كانت إحدى السُبُل لنهب مقدرات العراق والهيمنة عليه بحجة ضرورة دفع تعويضات للكويت ولكل متضرر من احتلال العراق للكويت حتى لو كان من كوكب المريخ، وعلى ضوء ذلك تم وضع العراق وأمواله ومقدراته تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي لا يزال الشعب العراقي يدفع ثمنه وثمن تبعاته إلى اليوم.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني

في المرحلة ما بين حرب تحرير الكويت إلى مرحلة احتلال العراق سنة 2003 تمكن نظام الأفاعي في إيران من تحقيق بعض النفوذ الأمني في منطقتي 32 جنوباً و36 شمالاً الأمر الذي سهل احتلال العراق سنة 2003، تلك السنة التي كانت آخر سنوات مشروع الفوضى الخلاقة الذي تلاه مباشرة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي نعيشه إلى اليوم.

العراق الذي دخل في حرب ثمان سنوات طاحنة مع نظام الملالي، الذي أكمل مسيرة الشاه العدائية ضد العرب، وخصوصاً العراق الذي يسعى الجميع إلى كسره أو إضعافه؛ ولأجل ذلك واصل الملالي التآمر على العراق بالتعاون مع الغرب ضده والدول العربية حتى تم احتلال العراق ورسم صورته الجديدة شراكة على يد الغرب والملالي معاً، وتقاسمه مرتزقة الملالي وأعوانهم وأدوات حلفائهم، وها هي النتيجة: فقدان العراق واستفحال الملالي وتعاظم قدراتهم التسليحية واحتمال امتلاكهم أسلحة نووية ما داموا قد وصلوا إلى هذه القدرات النووية، وفقدان سوريا ولبنان واليمن وإبادة غزة واستهداف الأردن ووضعه في مرمى النيران دولة تالية هذا بالإضافة إلى إغراق المجتمعات العربية بالمخدرات التي يسلم منها أطفال المدارس ولا سجون الأحداث.

إقرأ أيضاً: إسرائيل وأميركا أفضل من إيران وحماس

بعد الفوضى الخلاقة، دخلنا في مخطط الشرق الأوسط الكبير، وها هو علي خامنئي وجنوده بالشراكة المباشرة وغير المباشرة يرسمونه معاً، وها نحن ندفع ضرائب ذلك. وهذا هو حالنا في ظل وجود أفاعي الملالي، فلا استقرار للمنطقة دون سحق رؤوسهم وزوالهم، ولا زوال لهم إلا على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، لا لشيء سوى أنها قوة متجذرة وذات رؤية ناضجة ملائمة لإيران والمنطقة، خصوصاً أنهم يريدون إقامة دولة ديمقراطية غير نووية تؤمن بحقوق الأقليات والفرد الإنسان تحت مظلة القانون.

الغد مُر ومُخيف ولا بدَّ من الإعداد لمواجهته ورسم صورة أفضل له.