أفادت وسائل الإعلام العالمية ببدء حرب غير مسبوقة بين حماس وإسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، والتي بدأت بهجوم حماس على إسرائيل. لقد كان هذا العمل العدواني مصدر تحول كبير للغاية، بحيث لا بد من القول إنه قد تم به طي صفحة في تاريخ الشرق الأوسط والجغرافيا السياسية للمنطقة.

وربما لم يكن بالإمكان آنذاك التنبؤ بعواقب هذا الحدث بشكل دقيق، لكن تدريجياً، اتضحت أبعاد الصراع وأعداد القتلى والجرحى ومعاناة النازحين وحجم الدمار، واتجهت الدول والمنظمات الدولية للتصدي لهذه القضية بقوة؛ وأصبحت الجوانب المختلفة لهذه الحرب أكثر وضوحاً.

وأصبح الأمر أكثر حدة وخطورة من الناحية الدولية عندما أصبح أمن المياه الدولية وحركة السفن في البحر الأحمر تحت تهديدات محتملة وفعلية لدرجة أن الولايات المتحدة بادرت إلى تشكيل تحالف دولي لضمان ذلك. وتم إنشاء الحركة الآمنة للسفن في هذا الممر المائي الاستراتيجي. وبعد ذلك، انعقد اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ونفذت القوات الأميركية والبريطانية، بدعم من الدول الحليفة لهما، عملية ثقيلة نسبياً ضد معاقل وقواعد الحوثيين في اليمن.

إقرأ أيضاً: "القوات الوكيلة": أداة النظام الإيراني لترويج الحرب وخلق الأزمات!

لسنوات عديدة، كانت هناك صراعات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية لأسباب وأشكال مختلفة، وأحياناً مؤسفة ودموية للغاية.
وفي كل هذه الصراعات، تنفخ أصولية نظام ولاية الفقيه شررها أيضاً في أتونها الحربي؛ ولهذا سبب أساسي وهو عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأراضي الفلسطينية وإسرائيل.

ويمكن الإشارة إلى عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي تمت الموافقة عليه بالإجماع في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1967. وهذا القرار هو حل أساسي يقوم على إقامة دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين.

ومن الجدير بالذكر أن النظام الإيراني، خلافاً للرأي الإيجابي لمعظم دول العالم، يعارض رسمياً هذا الحل المتمثل في تشكيل دولتين مستقلتين فلسطين وإسرائيل.

موقف المقاومة الإيرانية مع بداية أزمة 7 أكتوبر
"يجب استهداف رأس الأفعى في طهران. وفي القضية الفلسطينية، نقدم الدعم الكامل والشامل لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومنظمة فتح ومطالبهم المحقة تجاه الشعب الفلسطيني... ومن لا يعلم أن خط الخميني وخامنئي كان خنجراً وخيانة للقضية الفلسطينية منذ البداية مع دجال 'يوم القدس' و'القدس عبر كربلاء'. (مسعود رجوي 7 تشرين الأول - أكتوبر 2023).

إقرأ أيضاً: تفجيرات كرمان وإنقاذ نظام الملالي

هذه تصريحات جاءت في رسالة قائد المقاومة الإيرانية مسعود رجوي في الساعات الأولى من بداية الأزمة بين حماس وإسرائيل.
هذه العبارات والكلمات عفوية وليست ممتعة أو غير سارة لأي طرف؛ بل إنها تعبر عن فهم عميق ودقيق للغاية للطبيعة التوسعية والمروجة للحرب لنظام ولاية الفقيه الأصولي الحاكم في إيران.

خلفية مصطلح "رأس الأفعى"!
في بداية الثورة المناهضة للملكية في إيران (1979)، شرعت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، مع الفهم العميق لطبيعة الخميني بشكل خاص والحركات المرتبطة بالملالي بشكل عام، بالصراع الرئيسي في الحياة السياسية. الصراع مع النظام الجديد، وتأسيس ولاية الفقيه "الرجعية"، والتي تعني الأصولية.

لاحقاً، واستناداً إلى الأحداث الإيرانية والإقليمية وأحياناً العالمية، استخدم زعيم المقاومة الإيرانية مصطلح "رأس الأفعى" في تحليلاته ومواقفه السياسية بشأن النظام الإيراني.

علاوة على ذلك، تم طرح نفس مصطلح "رأس أفعى ولاية الفقيه في طهران" فيما يتعلق بالسبب الرئيسي للحرب بين حماس وإسرائيل.

الأصولية ومصطلح "رأس الأفعى" لهما خلفية في تاريخ نضالات الشعب الإيراني، ويمكن للمرء أن يذكر الثورة الدستورية والدور السلبي للغاية للشيخ فضل الله نوري في تدمير هذه الثورة (1906-1911).

إقرأ أيضاً: فلتطارد اللعنات حماس إلى يوم الدين

وبعد ذلك يجب أن نذكر في الحركة الوطنية للدكتور محمد مصدق الدور المدمر للغاية للملا الأصولي أبو القاسم كاشاني بالتواطؤ مع بلاط الشاه الفاسد في تنفيذ انقلاب آب (أغسطس) 1953 المشين ضد حكومة الدكتور مصدق الوطنية.

وقد تم كيل المديح والثناء لهذين المليين الرجعيين والأصوليين في معظم خطابات الخميني وخامنئي خلال الـ45 سنة التي مرت على حكم ولاية الفقيه.

"رأس الافعى" السام والقاتل له تاريخ في القصص والأساطير الإيرانية على أكتاف الحاكم الظالم المسمى "الضحاك".

الأفاعي القاتلة على أكتاف خامنئي في الوضع الراهن. ولهذا السبب فإن شعار الثوار في شوارع إيران هو: "ميداننا هو إيران، ورأس الأفعى في طهران" وأيضاً "خامنئي يا ضحاك سنقتلك وندفنك تحت الأرض". (تعكس هذه الشعارات رغبة الشعب الإيراني في إسقاط نظام ولاية الفقيه).

الحاجة الملحة لنظام ولاية الفقيه لخلق أزمة في المنطقة
منذ بداية انتفاضة أيلول (سبتمبر) 2022، يحاول الشعب الإيراني الإطاحة بالولي الفقيه لإيران. وبسبب النار تحت رماد هذه الانتفاضة، يحتاج خامنئي إلى حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في غزة واليمن وسوريا والعراق، ويؤججها عبر وكلائه. وبحسب قوله فإنَّ خامنئي يحاول بهذه الطريقة خلق حواجز وعقبات أمام الانتفاضة.

وإذا رجعنا إلى الكتابات والمواقف على المستوى الإقليمي والعالمي، نرى أن مصطلح "رأس الأفعى" الآن ليس كلمة تخص المقاومة الإيرانية فقط؛ بل، بسبب الأزمة التي خلقها النظام الإيراني، تجاوز هذا المصطلح كل الحدود ونرى أنه تم استخدامه في خطابات السياسيين ورجال الدولة وحتى القادة العسكريين رفيعي المستوى في بعض البلدان.

إقرأ أيضاً: مغادرة القوات الأميركية في الميزان

وقال مايكل ألين، المدير السابق لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، لشبكة فوكس نيوز: "النظام الإيراني هو رأس الأفعى وهم يقودون أوركسترا... يجب أن نذهب إلى النظام الإيراني".

وفي إثبات صناعة الأزمة في النظام الإيراني، فإن الحقائق الواردة من مسؤولي نظام ولاية الفقيه مهمة:

وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023: "قال عزة الله ضرغامي قائد قوة الصواريخ السابق في حرس الملالي (وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية في حكومة إبراهيم رئيسي) في برنامج تلفزيوني، أشار إلى الدعم العسكري لجمهورية إيران "الإسلامية" لحزب الله وحماس، حيث أمضى بعض الوقت في أنفاق تحت الأرض في غزة، وقام بتدريب قوات حماس على كيفية صنع الصواريخ.

إمام الجمعة وممثل الولي الفقيه علي خامنئي في مشهد الملا علم الهدى (والد زوجة إبراهيم رئيسي) 3 كانون الثاني (يناير) 2024: "أنفاق غزة أنشأها فكراً وخطة الحاج قاسم سليماني... سافر الشهيد سليماني إلى غزة ثلاث مرات ورسم مخطط أنفاق غزة".

خامنئي 16 كانون الثاني (يناير) 2024: "إنَّ العمل الذي قام به شعب اليمن وحكومة أنصار الله لدعم شعب غزة كان عملاً عظيماً. اليمنيون ضربوا القنوات الحيوية للكيان الصهيوني. أمريكا هددت، ولم يخافوا من أمريكا. ومن يخاف الله فإنه لا يخاف غير الله"! (نقلاً عن الموقع الرسمي لخامنئي)

إقرأ أيضاً: أرى رؤوساً (في إيران) قد أينعت!

وفي استمرار الحرب بين غزة وإسرائيل وتبعاتها الإقليمية والدولية؛ توصل رجال الدولة ورؤساء الدول إلى نتيجة مفادها أن حل الأزمة الحالية هو الاعتراف بدولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، والتعايش السلمي فيما بينهما.

وفي النهاية ما ينبغي التأكيد عليه هو أن إشارة الترويج للحرب في طهران نحو «رأس الأفعى»، وإن تأخرت، إلا أن ذلك يشكل أيضاً نقطة تحول في الأزمة واتجاه ناقل التطورات نحو إيران"رأس الأفعى".

ولكن على الجانب الآخر؛ كما يمكن النظر إلى حل الدولتين والاعتراف بالدولتين المستقلتين فلسطين وإسرائيل من منظور أكثر جدية.