الرياضة فن وذوق وأخلاق، ينبغي أن تتجسد واقعاً بين اللاعبين وبين الكوادر الإدارية والتدريبية. وأهم ما في الرياضة من سلوكات هو التمسك بهذه الصفات الحميدة الثلاث، وأن يعكسها الفريق الرياضي وكادره التدريبي والإداري في تعامله مع الفرق الأخرى، سواء أكانوا ينتمون إلى بلاده أو هم من الفرق الإقليمية والدولية.

إنَّ الأخلاق هي الأخلاق، في المكارم وفي المساوئ. إنها أساس كل عمل، وكل تعامل بين الناس في جميع الظروف. فمكارم الأخلاق يرسم المرء من خلالها صورة جميلة وزاهية عن نفسه وعن بلده عبر تعامله مع الآخر داخل بلده أو خارجه، ومساوئ الأخلاق يرسم بها المرء صورة قبيحة وكالحة عن نفسه وعن بلاده، فينال الآخر منها القرف والإشمئزاز، وتترك في نفس المتلقي أثراً غير محبوب عن الرياضي نفسه وعن بلده، ويتلاشى معه احترامه وبلاده لدى الآخر.

يتبدى لي، ولكل متابع لمجريات المبارة التي تواجه فيها الفريقان العراقي والأردني لكرة القدم أواخر كانون الثاني (يناير) 2024 ضمن إطار مباريات كأس آسيا، أن الحكم الإيراني كان متحيزاً لفريق الأردن من خلال قراراته المجحفة بحق لاعبي المنتخب العراقي، ما قد يشتم منه تواطؤاً (مأجوراً؟) من قبل الحكم لتسهيل فوز الأردن في المباراة.

أبرز مثال على انحياز الحكم واصطفافه إلى جانب الفريق الأردني، إشهاره الكارت الأحمر بوجه المهاجم العراقي أيمن حسين وطرده من المباراة لأنه خرج من الملعب بعد تسجيله الهدف الثاني باتجاه الجمهور العراقي في الملعب، وهذا السلوك لم يلجأ إليه أي حكم في تاريخ كرة القدم. إذ يُنظر إلى هذا الفعل من قبل كل حكم شريف وعفيف على أنه سلوك مقبول تمام القبول، يعبر فيه اللاعب عن فرحه ويتطلع إلى مشاركة الجمهور في مشاعره، وهو حق تكفله الدساتير القانونية السياسية في كل دول العالم ضمن إطار "ممارسة حق حرية التعبير"، والتي وصل احترامها في دول مثل السويد والدنمرك إلى حد السماح بتمزيق الكتاب المقدس للمسلمين (القرآن) وحرقه وركله بالحذاء من قبل بعض المنحرفين كما حصل في العام الماضي.

إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟

لكن عندما احتج المسلمون في العالم على هذا العمل الذي يهين المسلمين وينشر الكراهية بينهم وبين الآخرين، ردت حكومتا السويد والدنمرك بأنه عمل يقع ضمن حدود ممارسة حرية الرأي والتعبير التي يكفلها دستور كل من البلدين، ولا تستطيع الحكومة إيقاف هذا السلوك إلا بتغيير الدستور.

شراء ذمة الحكم من قبل اتحاد كرة القدم الأردني سيجلب الخزي للأردن شعباً وحكومة، ويكلل رؤوسهم بإكليل العار في سجلات عالم كرة القدم الدولية والإقليمية، وستلتصق هذه الصفات الذميمة بهم وبتاريخ منتخبهم على صفحات تاريخ (الفيفا)، ولن تمحى منه، وسيأتي، يوماً، من يفضح هذا العمل القبيح، وفي أي بطولة سيشارك الفريق مستقبلاً ستكون نزاهته محل شك.

إقرأ أيضاً: حرب السيوف الحديدية واليوم الذي سيلي

وأخيراً وليس آخراً، فإنَّ أقوى دليل على أن العراق كان هو صاحب الحق بالفوز في المباراة أنَّ اتحاد كرة القدم الآسيوي عاقب الحكم الذي قاد المباراة بحرمانه من التحكيم في هذ البطولة في المباريات اللاحقة.

هناك دليل آخر يندرج ضمن دائرة تعاطف بعض الأشقاء العرب واصطفافهم إلى جانب العراق اعترافاً منهم بأن العراق هو صاحب الحق المبين بالفوز في تلك المبارة، إذ قام أحد مواطني الإمارات بإهداء سيارة فاخرة للمهاجم العراقي أيمن حسين.