عند توفر الفرصة السانحة والملائمة، يمکن ممارسة الخداع والکذب والتضليل من قبل أي کان إن سولت له نفسه وکانت له مرام وغايات من وراء ذلك، ولکن لا يمکن أن يدوم ذلك ويستمر طويلاً، لا سيما فيما لو استمر من سنحت له الفرصة على هذا المنوال وحتى تمادى، ذلك وکما يقول المثل الشهير "حبل الکذب قصير"، وإن الحقيقة ستظهر عاجلاً أم آجلاً.
عندما سنحت الظروف للخميني لم يتردد أن يرکب تيار الثورة الإيرانية ويجعلها على قياس فکره الضيق وما کان يطمح إليه وهو يسير نحو أرذل العمر، مستخدماً شعارات براقة وطنانة غلف نظامه بها، وأبهرت قطاعات عريضة من الشارعين العربي والإسلامي، حتى أن البعض قد حسبه بمثابة المنقذ للأمتين العربية والإسلامية، وأنه سيحقق ما عجز عنه معظم القادة والزعماء العرب والمسلمين.
شئنا أم أبينا، وبسبب من الظروف والأوضاع المتباينة عشية انتصار الثورة الايرانية، ظهر الخميني وکأنه القائد الموعود والرجل الذي يمکنه أن يغير من مسار عجلة التاريخ باتجاه يخدم العرب والمسلمين أجمعين، بحيث يمکن القول إن الکثيرون انبهروا وانساقوا مع الکذبة البراقة للخميني ونظامه، وبهذا الصدد فقد أجاد الکاتب أحمد ذيبان الوصف عندما قال في مقالته مؤخراً المعنونة "ديمقراطية الملالي" المنشورة بموقع "عمون" الأردني: "بعد أن كان الكثيرون يصفقون لثورة الخميني التي حدثت عام 1979، حتى بعض العرب وبعضهم من اليسار كانوا مبهورين بهذا النظام، الذي رفع شعارات زائفة ثبت مع الوقت أنه استخدمها للتضليل والخداع"!
لکن الصحوة من عملية الانبهار والانجراف خلف هذا البريق الزائف لنظام غارق في الضلالة والتضليل من قمة رأسه الى أخمص قدميه، لم تکن بتلك السرعة، إذ وللأسف جاءت بعد أن غرز نظام الخميني براثنه في بلدان في المنطقة، ولکن ومع ذلك فإن هذه الصحوة کانت بالغة الأهمية لأنها کشفت المعدن الحقيقي الردئ لهذا النظام، حتى کأن لسان الکثيرين يقول وهو يشير إلى هذا النظام: أين الثرى من الثريا!
إقرأ أيضاً: نظرة على الصعوبات الاقتصادية عبر المحافظات الإيرانية
بعد 45 عاماً من ممارسة الکذب والخداع والتضليل من قبل الخميني وخليفته علي خامنئي، وإطلاق الکثير من المزاعم الواهية بخصوص نصرة هذا النظام للقضايا الأساسية للعرب والمسلمين، ولا سيما قضية فلسطين، وطرح نفسه على أنه النظام النموذجي للمسلمين کافة، فقد شاءت الأقدار أن يفضح أحمد توکلي، وزير العمل السابق الحقائق عندما قال: "لقد أصبح الفساد ممنهجاً في هذا النظام، ولم يعد بالإمكان فعل أي شيء، وقد وصل الأمر إلى حد أن الأشخاص الطيبين (إن وجدوا) يرتكبون أشياء سيئة في هذا النظام"!
مزاعم النظام بنصرة القضايا الأساسية للعرب والمسلمين توضحت تماماً للعالم کله، عندما لم يکتف هذا النظام بفرض هيمنته ونفوذه على أربعة بلدان في المنطقة بالاضافة إلى شق وحدة الصف الفلسطيني، بل تعدى ذلك إلى إثارة الحروب والفتن والاختلافات إلى حد جعل شعوب هذه البلدان غارقة في المشاکل والأزمات والفساد الذي سببه النظام من خلال وکلائه في هذه البلدان، لکن لحسن الحظ، فإنَّ شعوب وبلدان المنطقة بدأت تنتبه لما قام ويقوم به هذا النظام، وطفقت مشاعر رفضه وکراهيته تسود کما هو الحال مع المشاعر السلبية للشعب الإيراني من هذا النظام.
إقرأ أيضاً: ثورة إيران عام 1979... آنذاك والآن
هذا النظام المخادع الماكر، وبعد كل المصائب والويلات والمآسي التي جلبها للشعب الإيراني وشعوب المنطقة، بدأ يتآكل من الداخل. كأنه "خشب مسندة" جميلة في ظاهرها، ومنخورة من داخلها، كما يصف القرآن الكريم المنافقين. وصار بأسهم بينهم، والصراعات والانشقاقات المواجهة الحادة بينهم جارية على قدم وساق، تمامًا كما قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ".
الیوم لاحظنا كيف بدأوا يخربون بيوتهم بأيديهم. وهذا وعدٌ سيرونه عيانًا، كيف سيتم تدمير بيوتهم وقصورهم على أيدي الشعب الإيراني وأبنائه في وحدات المقاومة قريبًا. إنهم يرون ذلك بعيدًا ونحن نراه قريبًا.
التعليقات