بينما يستعد النظام الإيراني لجولة أخرى من الانتخابات المنسقة بعناية لبرلمانه ومجلس الخبراء في شهر آذار (مارس)، فإنَّ التساؤلات المتصاعدة حول شرعيته تطفو على السطح. وبدأ المؤيدون المخلصون لولاية الفقيه (المرشد الأعلى) حتى بالتشكيك في مصداقية هذه الانتخابات. ويشير هذا إلى أزمة شرعية واضحة لنظام علي خامنئي الاستبدادي.

إنَّ نظرة سريعة على المبادئ الأساسية لدستور النظام توضح سبب الإشارة إلى هذه الانتخابات على أنها انتخابات مهندسة. تنص ديباجة دستور النظام على أنَّ المرشد الأعلى هو: رئيس الدولة وأعلى سلطة سياسية ودينية في جمهورية إيران الإسلامية، ويحل محل الرئيس. تخضع القوات المسلحة والقضاء والتلفزيون الحكومي والهيئات الحكومية المحورية الأخرى مثل مجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام لسلطة المرشد الأعلى.

ووفقاً للدستور، يحدد المرشد الأعلى السياسات العامة للجمهورية الإسلامية (المادة 110)، ويشرف على السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية (المادة 57).

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع المرشد الأعلى بالكلمة الأخيرة في الأمور المتعلقة بالاقتصاد والبيئة والسياسة الخارجية والتعليم والتخطيط الوطني ومختلف جوانب الحكم الأخرى في إيران. ويتمتع خامنئي أيضًا بنفوذ على مستوى الشفافية في الانتخابات ويتمتع بسلطة إقالة وإعادة تعيين المعينين في مجلس الوزراء الرئاسي.

علاوة على ذلك، يشغل المرشد الأعلى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الفعلي لفروع الدولة الثلاثة – السلطة القضائية، والسلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية.

إقرأ أيضاً: طوفان الأقصى أم طوفان سليماني؟

وبالنظر إلى هذه الديباجة والصلاحيات الواسعة التي يمنحها دستور النظام لشخص واحد، يبرز سؤال مهم: هل هناك مجال لإجراء انتخابات حقيقية وديمقراطية داخل نظام ولاية الفقيه؟

لقد أوضح مؤسس النظام، روح الله الخميني، الذي شغل أيضًا منصب المرشد الأعلى الأول، واجبات ولاية الفقيه وسلطاته غير المحدودة، كالتالي: "يجب على ولاية الفقيه أن تمارس السيطرة على جميع الأمور، حتى الشؤون الشخصية للأفراد، لأن دور ولاية الفقيه يشبه دور الوصي (مثل الأب أو الجد وفقًا للفقه التقليدي) على القاصر". وتمتد هذه السلطة إلى حد أنه حتى لو اتفقت جماعة على أمر ما، وكان لولاية الفقيه رأي مخالف، فإن رأيه هو الغالب.

إقرأ أيضاً: مغادرة القوات الأميركية في الميزان

وفي ضوء ذلك، علق مهدي نصيري، المحرر السابق والمدير الإداري لجريدة كيهان، على انتخابات النظام قائلاً: "هناك أسباب عديدة تجعل الانتخابات مجرد واجهة، ولكن السبب الأكثر أهمية هو مبدأ السلطة المطلقة لولاية الفقيه المنصوص عليه في دستور الجمهورية الإسلامية. ووفقاً لهذا المبدأ، فإنَّ قائد الجمهورية الإسلامية هو فوق كل القوانين وحتى الدستور نفسه.

وأكد: "السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الهدف الذي تخدمه الانتخابات، وماذا تحقق؟ بصرف النظر عن كونها واجهة لنظام استبدادي".

وفي السابق، كانت المقاومة الإيرانية وحدها هي التي تجرؤ على انتقاد انتخابات النظام، ووصفتها بأنها انتخابات صورية. ومع ذلك، وفي مواجهة أزمة الشرعية المتزايدة وتضاؤل المشاركة العامة، فإن حتى المسؤولين داخل النظام يعترفون بهذه الحقيقة.