محمد صلاح نجم ليفربول والمنتخب المصري يقف في مفترق طرق هو الأكثر أهمية في مسيرته الكروية، لأن عقده القادم سيكون علي الأرجح الأخير في مسيرته، فما هي خطوته القادمة؟

لا يستطيع أحد ادعاء معرفة الوجهة المقبلة له سوى هو ومدير أعماله رامي عباس، خصوصاً أنَّ عباس، وبحكم عمله مديراً لأعماله، يفرض سياجاً دائماً من السرية والغموض حول خطوات صلاح في عالم الاحتراف، وهو حق مشروع له، بالرغم من أنَّ ذلك يثير غضباً في الأوساط الإعلامية والجماهيرية العربية التي يغيب عنها الوعي الكامل بطبيعة عمل مدير أعمال صلاح.

على أي حال، هناك ثلاث طرق لصلاح لا رابع لها، سوف يسير في طريق منها، وأولها الاستمرار مع ليفربول لأنه ببساطة يعيش مرحلة المجد والحصاد وتحطيم الأرقام القياسية وصناعة التاريخ.

أما ثاني مسارات النجم المصري المحتملة فهي الذهاب إلى السعودية، وهنا سيكون بين خيارين أقواهما نادي الاتحاد والاحتمال الثاني هو الالتحاق بنادي الهلال.

العرض السعودي لصلاح أكبر من أن يتم رفضه، فقد بلغ ربع مليار يورو، ليصبح بذلك الصفقة الكروية الأغلى في التاريخ. ولكن لماذا هذا الإصرار السعودي على التعاقد مع صلاح؟

ببساطة لأنه أحد أهم نجوم الكرة العالمية، وهو مطلب جماهيري، فضلاً عن أنه سيكون واحداً من وجوه مشروع القوة الرياضية الناعمة للسعودية، خصوصاً أنه يجمع بين الهويتين العالمية والعربية.

إقرأ أيضاً: لا مكان للانبهار.. انتهى زمن الكبار

أما ثالث وجهات صلاح المحتملة فقد كشفت عنها صحيفة "ليكيب" الفرنسية الجمعة، حينما أكدت أنه قد يكون بديلاً للنجم الفرنسي كيليان مبابي في باريس سان جيرمان، مما يعني أنه سوف يكون نجماً مؤثراً في الكيان الباريسي، ومن ثم وجهاً لمشروع القوة الناعمة الرياضية في قطر، وهو مشروع لا يقل في طموحه عن المشروع السعودي، ومن الوارد أن يستمر صلاح مع قطر بعد نهاية مسيرته الكروية وجهاً إعلامياً ودعائياً فيما بعد.

فقط صلاح ووكيله لديهما تصور عن الخطوة المقبلة، والأمر يصيبك بالحيرة فيما لو كان بيدك القرار، فالبقاء مع ليفربول يراه البعض منطقياً لكي يكمل صلاح كتابة التاريخ الكروي الذي لا يضاهيه فيه لاعب عربي.

والرحيل صوب السعودية يضمن له المال والبقاء في دائرة الشهرة والتأثير في نفس الوقت بسبب المكانة العالمية للدوري السعودي في الوقت الراهن.

أما الطريق الثالث وهو باريس سان جيرمان المملوك لقطر فيضمن له التواجد مع كيان كروي كبير سيكون هو نجمه الأول، فضلاً عن ضمان المستقبل المهني في مرحلة ما بعد الاعتزال.

إقرأ أيضاً: رجل أمن أم خبير عيون!

وبالنظر إلى أنَّ صلاح أصبح في جميع الأحوال في مرمى الانتقادات من جانب الجماهير العربية والمصرية، فإن قراره أياً تكن طبيعته، سوف يثير جدلاً كبيراً وغضباً من البعض وشعوراً بالرضا من البعض الآخر.

الثابت الوحيد في مشوار وقصة صلاح أنه أصبح مشروع قوة رياضية ناعمة لمصر، ولكن لم تحسن مصر استغلال هذه القوة حتى الآن، نظراً لارتفاع سقف المطالب الجماهيرية والشعبية حوله، فهو الزعيم السياسي الذي ينبغي عليه حل مشكلة غزة وفلسطين، وهو رجل الدين الذي يتوجب عليه أن يكون ممثلاً للمسلمين في جميع تصرفاته، وهو الثري الذي ينتظر منه البعض أن يتبرع بنسبة ثابته من دخله لمساعدة أبناء بلده.

إقرأ أيضاً: حماس.. ما لها وما عليها

والآن أصبح صلاح مطالباً بإرضاء عشاق ليفربول والبقاء مع النادي الإنجليزي، وكذلك الرحيل للسعودية تلبية لمطالب جماهيرية أو قطر بحثاً عن مستقبله، وأي خيار لن يثير سوى المزيد من الانتقادات.

عزيزي صلاح... إفعل ما تريد، وقرر ما تشاء، ولا تلتفت كثيراً للضغوطات والانتقادات، وفي هذا السياق أتذكر مقولة لأحد الأصدقاء الذي يرى أنَّ صلاح يحقق هذا النجاح لأنه لا يتأثر بالانتقادات الجماهيرية المصرية والعربية، ولو استمع اليها وتأثر بها لما كان ليحقق أي نجاحات، بل كان سيتحول إلى عامل في شركة "المقاولون العرب" في بداية مسيرته، ولكنه الآن يتربع على عرش النجومية الكروية العالمية بفضل عقليته الاحترافية.