سر التوافق بين الملالي والصهاينة على رفض حل الدولتين
تعتبر مسألة حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني قضية مستعصية ومعقدة تتجاوز مؤثراتها الحدود الجغرافية والرغبات منزوعة الإرادة. وبالرغم من إقرار المجتمع الدولي لهذا المسار إنصافاً للشعب الفلسطيني، إلا أنَّ القوى الاستعمارية لا تزال تكيل بمكيالين بهذا الخصوص، ومن بين هذه القوى الاستعمارية المستهترة نظام الملالي الذي يتوافق مع الصهاينة الإسرائيليين في رفض حل الدولتين، طالما سيفضي هذا الحل إلى قيام سلطة فلسطينية مستقلة بعيداً عن إرادة الملالي والصهاينة؛ ويرتبط توجه الملالي برؤية توسعية لا تتقاطع مع موقف الصهاينة من مسار حل الدولتين ورؤيتهم الاستيطانية التوسعية في فلسطين، ويسير كلا الكيانين الصهيونيين في طهران وتل أبيب بمسارين متوافقين ومتوازيين بالرغم من المناورات القائمة والشعارات المرفوعة، حيث يعتبر صهاينة تل أبيب أنَّ تقسيم الأراضي يعرقل استمرارية مشاريعهم الاستيطانية ويهدد بحجب حق توسع إسرائيل مستقبلاً، وأما ما يتعلق برؤية ومصالح صهاينة إيران فتتثمل بقيام نظام إقليمي في فلسطين يكون تحت إمرتهم، وبالتالي فإنَّ حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية وفق هذا المسار بقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية حل لا يروق للملالي صهاينة طهران، الذين لا يرون في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرر ممثلاً وطنياً مشروعاً للشعب الفلسطيني، وقد يكون قيام سلطةَ فلسطينيةً مستقلةً في غزة بعيداً عن منظمة التحرير أمراً يتفق عليه كلا الطرفين في تل أبيب وطهران وبشكل مباشر وغير مباشر، إذ يرى الطرفان أنَّ حل الدولتين يُهدد توجهات كل منهما في المنطقة.
إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟
والحقيقة المؤكدة هي أنه لا توجد رغبة حقيقية لدى الملالي والصهاينة كأنظمة أزمات في وجود سلام، ويُفضّل كل منهما استمرار الأزمات والصراع لتحقيق أهدافهم الخاصة، وعلى الجانب الآخر يرى الملالي أنّ حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة ومنطقة مستقرة سيؤدي بالنهاية إلى قطع أذرع الملالي بالمنطقة وتقويض نفوذهم فيها، وبالتالي سقوطهم بسهولة على يد الشعب الإيراني الثائر والمقاومة الإيرانية.
وجهة النظر العربية من تطابق موقف الملالي والصهاينة الرافض لحل الدولتين
تختلف وجهة النظر العربية من تطابق موقف الملالي الإيرانيين والصهاينة الإسرائيليين فيما يتعلق برفض حل الدولتين؛ فمن ناحية نجد أنَّ بعض العرب يعتبرون موقف الملالي موقفاً رافضاً للسلام والاستقرار في المنطقة، لكن هذا الموقف لم يصل إلى مستوى فهم صورة التوافق الحقيقية القائمة بين ملالي طهران والكيان المحتل في فلسطين، إذ لا يزال بعض العرب يعتقد بأنَّ ملالي إيران دعاة وداعمين للحق الفلسطيني على طريقتهم، وأن ما يسمى بـ"محور المقاومة" هو قوة حقيقية تعمل من أجل تحرير فلسطين، كما لا يزال بعض الفصائل الفلسطينية مخدوعاً بالملالي، وينقص هذا البعض فهماً سليماً كاملاً لنظام الملالي وطبيعته وحقيقة توجهاته. وتغيب عن العرب رؤيةً استراتيجيةً تمكنهم من مواجهة تدخل ملالي إيران في الدول العربية وكبح توجههم التوسعي فيها ذلك.
إقرأ أيضاً: وضع العراق وكردستان بعد الانسحاب الأميركي
المؤسف أيضاً أن يرى بعض الأطراف العربية أنَّ ملالي إيران المتوافقين مع توجهات الصهاينة والخادمين لها في المنطقة طرف أساسي في تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة، ويتغافلون عن أنَّ الملالي يستغلون أزمة الصراع العربي - الإسرائيلي لتعزيز مصالحهم السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم، وقد شهدت أحداث الإبادة في غزة على ذلك، وبشكل عام تتأثر وجهات النظر العربية بالعديد من العوامل منها العقائدية والثقافية والتاريخية والسياسية التي تحكم العلاقة بين العرب وملالي إيران، ولو أن بعض القوى الإسلامية الكبيرة رأت واقتنعت بوجود رؤية عربية متقدمة لمواجهة نظام الملالي لأعانتهم على ذلك وسارعوا معهم في تحرير فلسطين وقيام دولتها المستقلة.
التعليقات