يستأسد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على العزل من أبناء شعبنا الفلسطيني في رفح، ساعياً لتحقيق نصره الوهمي على كفاح شعب عربي يسعى بكل ما أوتي من قوة من أجل استرجاع حقوقه وكرامته المهدورة، بالرغم من كل الصعاب، وبالرغم من وقوف الغرب في صفه، بما في ذلك أميركا التي تستنكر ما ينوي القيام به. لكن أين أفعال أميركا من أقوالها وادعاءاتها المزيفة في زمن رئيس أميركي ضعيف الذاكرة.
هل سمعتم في التاريخ القديم أو الحديث عن فشل أو هزيمة أحرار يناضلون من أجل انتصار قضيتهم العادلة في مواجهة المعتدي، ولو تسلح بجيش جبار واستند إلى قوى عالمية كبرى تحاول بشتى الطرق إسكاته وإبادته وتدمير ما يبنيه؟
فهذه الجزائر بلد المليون شهيد برعيلها الأول من القادة أركعت الجيش الفرنسي بكل جبروته وقوته، وأجبرته على التسليم بعدالة قضيتها واستعداد شعبها لتقديم التضحيات من أجل الحرية والكرامة، وبفضل إسناد أحرار العالم لها ولعدالة قضيتها. وفي أفريقيا أيضاً هذه جنوب أفريقيا، وقد ناضل حزب المؤتمر الوطني بزعامة نلسون مانديلا ورفاقه الأحرار بمعية رجال الدين الوطنيين من أمثال القس توتو من أجل القضاء على سياسات التمييز العنصري "الابارتيد"، ونجح في تحقيق أهدافه وانتزاع الحرية والمشاركة الحقيقة في إدارة وحكم البلد، والخلاص من التمييز والعزل العنصري. كل ذلك تم بفضل نضال الأحرار من جنوب أفريقيا واستعداد شعبها لتقديم التضحيات. وفي نهاية المطاف، تمكنت من الانتصار على غلاة العنصرية وأعوانهم في شتى بقاع العالم، وتميزت بصدق إرادتها ودعمها الشعوب المقهورة.
أما في آسيا، فالحديث قد يطول. فهذه فيتنام التي أركعت أميركا في حرب كبدتها أعظم الخسائر في الأرواح والأموال والمعدات، ويسميها الفيتناميون حرب المقاومة ضد أميركا أو الحرب الهندوصينية، وقامت ضد فيتنام ولاوس وكمبوديا واستمرت ما يقرب من 20 عاماً، وكان الطرف المعتدي أولاً فرنسا وخسرت الحرب، وبعدها خسرتها أميركا في المرحلة الثانية، حين استطاع الأحرار من الثوار إجبار الدول الغازية على الركوع ومن ثم الانسحاب.
أما في أفغانستان، فقد شهد العالم فشل أميركا وبلدان حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشاهد انسحابهم المذل والمخزي منها، ولم يتمكنوا من تغيير النظام هناك بعد احتلالها لما يقرب من عشرين عاماً.
وفي كوبا، أركع الكوبيون بقيادة فيديل كاسترو ورفاقه أميركا وحلفاءها، وانتصرت إرادة الشعوب، وهرب المعتدي الخائب وتحررت البلاد. وفي فنزويلا، فشلت كل محاولات الأعداء في كسر إرادة الشعب وقيادته، وتمكنت البلاد من الصمود، وفشل المعتدي وبدأ بفك الحصار على البلاد. فليتعلم المعتدون والدخلاء أنَّ إرادة الشعوب وعشقها للاستقلال والحرية وتمسكها بأوطانها وأراضيها أقوى وأصلب من جيوشهم، ولا يمكن البتة كسر إرداتها مهما كانت الظروف.
ليتعلم نتنياهو من إصرار وعزيمة وصمود هؤلاء الثوار من أهالي غزة أصحاب الكرامة والمبادئ والقدرة الفطرية على تركيع المعتدي واسترجاع الكرامة من سالبيها. فإرادة الشعوب الحرة وتمسكها بأرضها وكرامتها أقوى من الجيوش مهما عظمت، ولا بدَّ أن تنتصر الشعوب وتسترجع ما سلب منها بالقوة، تساندها في ذلك قوى العالم الحر، لبزوغ فجر جديد.
التعليقات