يبدو أنَّ أوروبا لم تستفد كثيراً من تاريخ جَمَعَ،بحسب كل المصادر التاريخية،مختلف المآسي والأحزان...فثقافة الاستعلاء المتجذرة،والصراع بين قوى عديدة متناحرة،قد يعصف بمصير الاتحاد الأوروبي برمته،خاصة في حالة اشتعلت شرارة حرب قد تلتهم نارها الجميع. وإذ بلادنا ليست بمنأى عن مثل هذه التحولات الخطيرة، فإنَّ الأخطر ما تحيكه لنا جارتنا الشرقية، التي لا شغل لها إلا المغرب،والجهود الدبلوماسية التي تبذلها والصفقات التي تحاول عقدها داخلياً وخارجياً كلها تصب في طريق واحد،إسمه معاكسة وحدة التراب المغربي وعرقلة مسيرة النهوض بالاقتصاد الوطني الساعي للحاق بالدول الصاعدة. إنَّ حلم الجزائر الاستراتيجي يقوم على الرغبة الجامحة في الوصول إلى المحيط الأطلسي،واستخدام الدمية المغرر بها، أي البوليساريو، لن يجدي نفعاً أبداً في تحقيق هذه الرغبة.

إن السعي إلى لم شمل الأمة العربية،على مستوى حفظ الروابط الأخوية على الأقل،يقتضي تعزيز أواصر الثقة بين المغرب والجزائر،فما على قادة البلد الشقيق الجزائر إلا التفكير ملياً وكبح الحقد التاريخي العقيم، والناجم عن أخطاء تاريخية كثيرة!

إقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي والفجر الجديد

لعل الخطب الكثيرة للملك محمد السادس،ودعوته للأخوة بين الشعبين المغربي والجزائري،انطلاقاً من أرضية الاحترام المتبادل،واحترام سيادة الدول،هي بطبيعة الحال حكمة مراميها وغاياتها تتلخص في الرجوع لجادة صواب عنوانه الجرأة التي ستدخل التاريخ من بابه الواسع،جرأة إسمها الاعتراف بالوحدة الترابية المغربية،مع التوجه للمغرر بهم من أخواننا في تندوف القاحلة،بغية حثهم على العودة إلى الوطن الأم،وطن تحت راية واحدة اسمها المملكة المغربية.

إقرأ أيضاً: شموخ لغة الضاد

بهذا الفعل النبيل،سيبزغ فجر جديد للاستقرار والطمأنينة،وللجميع،بل وسيدخل من أخذ هذا القرار إلى قلوب الملايين من سكان بلدان المغرب الكبير،بل الأكثر من ذلك،ستعاد قاطرة الأخوة المغاربية لتلتحم بوجدان تاريخي عريق،وجدان ناضل من أجله شهداء المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا.

هكذا هو طموح الشعوب المغاربية باستمرار، هكذا هي الطبيعة الفطرية القائمة على الجغرافيا والتاريخ المشتركين... فكم هي الأماني واقفة في انتظار انفراج من الأخوة الجزائرين، انفراج عنوانه فتح الحدود، وتصفية القلوب، والعودة لرشد أخوة أهل صفاء الوجود!