الصورة التي بين أيدينا تلقي الضوء على واقع تصحيح أوراق امتحانات المرحلة الإعدادية لطلاب محافظة الرقة، التي أحاول وصفها كما أدلى بها بعض الأصدقاء الذي أشرف على تصحيح أوراق الامتحانات، في حينها، وجرت أحداثها في محافظة الحسكة.
في عام 1986.. كانت تعليمات وزارة التربية، وفي كل دورة امتحانية، تشديد المراقبة على طلاب المرحلة الثانوية العامة للفرعين العلمي والأدبي، فضلاً عن طلاب المرحلة الإعدادية وغيرها، ومن بين التعليمات التي أكدت عليها الوزارة، في حال حصل الطالب على العلامة الأدنى 16 درجة، يكون ناجحاً في مادة اللغة العربية.
ومادة اللغة العربية، والكل يعلم، تعد لوحدها مادة مرسّبة في الامتحان في حال حصل الطالب على أدنى من 16 درجة.
يقول الصديق المدرس، وهو من قام في حينها، من بين عدد من المدرسين، بالإشراف على تصحيح المادة المذكورة، أن وقعت بين أيديهم للتصحيح أوراق امتحانات محافظة الحسكة، غلة سوريا الرئيسة من القمح.
ومن حسن الحظ أن ورقة الامتحان التي وقعت بين يدي ذلك المدرس الصديق لطالب من بدو ريف الحسكة. وأكثر ما لفت نظره في مادة اللغة العربية، موضوع التعبير، وعلامته 16درجة من أصل 60 درجة علامة المادة.
في موضوع التعبير كتب الطالب:
جاء إلينا مدير المدرسة، وقال لنا (تروحون) رحلة. قلنا له (أيوه). ركبنا الباص، ونظرت إلى الآثار، فطار عقلي.
إقرأ أيضاً: هل يليق بنا؟
الموضوع، كما أشار المدرس، كان بعنوان رحلة إلى الآثار. وما كتبه الطالب لا يتجاوز السطرين، والمطلوب أقلها عشرة أسطر.
أخذ المصحح المشرف على تصحيح الورقة الامتحانية يضرب أخماساً في أسداس، فحمل ورقة الامتحان، وعرضها على اللجنة المشرفة عن تصحيح الامتحانات في المركز الامتحاني المخصص لذلك، وطلب منهم مشاهدة ورقة الطالب ومنحه العلامة التي يستحق. أجاب رئيس المركز أنّ الطالب يستحق منحه ست درجات فقط من أصل ست عشرة درجة.
سأل المصحح الرئيسي المعني بالورقة لماذا ست درجات؟ أجاب رئيس المركز، الطالب أجاب عن المقدمة. فقال المصحح ومن أين إلى أين المقدمة؟
إقرأ أيضاً: العجيلي... أيقونة فراتية خالدة
قال: من عند قدوم مدير المدرسة إلى عند كلمة (أيوه)! ويُعطى عليها درجتان. ودرجتان إضافيتان على المشاهدات. قال: وأين المشاهدات. قال: الطالب سبق أن ذكر نظرت إلى الآثار، وهذه تعتبر مشاهدات. والدرجتان البقية، قال: تُعطى على الأثر الذي تركته الرحلة في نفس الطالب.
وأين الأثر؟
قال المصحح: طار عقلي!
يقول الصديق المدرس: قلت لهم أنا حالياً طار عقلي.
نجح الطالب، وأعطي 6 درجات في علامة الموضوع، ونقل الإعراب 10 علامات، وتجاوز بذلك علامة الرسوب في المادة.
هكذا كانت تحرّر وتصاغ وتصحح أوراق الامتحانات، وما خفي أعظم!
إنها بالتأكيد في أيدي أمينة!
التعليقات