مرة أخرى تعود الوکالة الدولية للطاقة الذرية إلى إصدار قرار ضد النظام الايراني بعد أن وافق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الأربعاء 5 حزيران (يونيو) على القرار الذي اقترحته ثلاث دول أوروبية ضد نظام الایراني. ويدعو هذا القرار إلى زيادة تعاون إيران مع الوكالة وإلغاء الحظر الأخير الذي فرضته البلاد على كبار المفتشين والدبلوماسيين.

هذا القرار الذي صدر في فترة يمکن وصفها بالصعبة والحرجة للنظام الايراني حيث يعاني من مجموعة من المشاکل والأزمات العويصة وهو أحوج ما يکون إلى الانفتاح الخارجي عليه وتخفيف حدة عزلته الدولية، خصوصاً أن مصرع إبراهيم رئيسي، الذي کان المرشد الأعلى للنظام يعول عليه الکثير، يعتبره العديد من المراقبين السياسيين بمثابة ضربة مٶذية للنظام عموماً، ولشخص المرشد خصوصاً، ولذلك فإن صدور هکذا قرار في وقت تتزايد فيه حدة الانتقادات الموجهة للنظام بسبب دوره وتأثيره في حرب غزة وموقفه السلبي من الجهود الرامية لإيقافها وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، يمکن اعتباره قراراً يترك تأثيره على النظام، ولن يمر مرور الکرام.

الولايات المتحدة الأميرکية لم تشارك الدول الأوروبية الثلاث في اقتراحها المذکور الذي کان وراء صدور القرار، غير أنها لم تعط الفرصة لطهران لکي تتنفس الصعداء وتراهن على الموقف الأميرکي بهذا الصدد، ذلك انه، وتزامناً مع صدور القرار المذکور، أصدرت السفيرة الأميركية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأربعاء 5 حزيران (يونيو)، بياناً بالتزامن مع إصدار الوكالة قراراً ضد النظام الإيراني، وصفت فيه البرنامج النووي للنظام الإيراني بأنه تهديد خطير للأمن الدولي.

في بيانها، وبينما تدعم الولايات المتحدة جهود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أدانت النهج الذي يتبعه النظام الإيراني، وقالت: "لقد امتنعت إيران حتى الآن عن التعاون اللازم لحل قضايا الضمانات المتبقية، بما في ذلك الأدلة على وجود مواد نووية في مواقع غير معلنة. كما أن التصريحات الأخيرة لمسؤولين رفيعي المستوى في الجمهورية الإسلامية بالتهديد بمراجعة العقيدة النووية والادعاء بالقدرة على بناء أسلحة نووية بسرعة تثير القلق".

وأضاف البيان: "إن إيران دولة كان لديها برنامج أسلحة نووية في الماضي وبدأت برنامج التخصيب سراً، وبدلاً من التعاون، استجابت لقرارات هذا المجلس بتكثيف أنشطتها النووية، بما في ذلك إنتاج 60 بالمئة من اليورانيوم الموجود في منشآت فوردو تحت الأرض. ومع تراكم اليورانيوم عالي التخصيب والادعاء بأنها قريبة من القدرة على إنتاج أسلحة نووية، أصبحت تشكل تهديداً خطيراً".

من دون شك، فإنَّ هذا التزامن من شأنه أن يربك حسابات النظام الإيراني ويضعه في موقف لا يحسد عليه، إذ أنَّ عدم وقوف واشنطن إلى جانب بريطانيا وفرنسا وألمانيا في إصدار القرار المذکور لم يکن يعني رفض القرار، وإنما مجرد رسالة ذات معنى موجهة للنظام تعني بأنَّ واشنطن تمتلك طرقاً وأساليب عديدة ومختلفة لمواجهة الجنوح والهوس النووي لطهران، لکنها مع ذلك تريد منها أن تراجع حساباتها قبل أن يقع الفأس في الرأس.

إقرأ أيضاً: هل تكفي السياسة وحدها لردع طهران؟

في هذا الخضم، لا بد من أن نتساءل بعيداً عن هذه التطورات، والتساٶل؛ هل حقاً يمکن الاطمئنان لنوايا النظام الإيراني في ما يتعلق ببرنامجه النووي وإمکانية أن يجعل طابع البرنامج سلمياً کما أکدت طهران مرات عديدة، وشددت على ذلك، حتى أن خامنئي أوحى برفضه السير بسياق ينتهي بالاستخدام غير السلمي للبرنامج النووي؟ إجابة هذا السؤال، لا سيما بناءً على تصرفات النظام والنهج الذي اتبعه بصورة خاصة بعد إبرام الاتفاق النووي لعام 2015، سلبية!

النظام الإيراني لم يکف أبداً عن مساعيه المشبوهة بهذا السياق، بل هدد أکثر من مرة على لسان مسٶوليه بجنوح النظام نحو إنتاج وصناعة القنبلة الذرية، وهذا ما يمکن فهمه وأخذه بنظر الاعتبار من تصريحات مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، عندما اعتبرت قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يدين الانتهاكات المتكررة لنظام الملالي، والذي تم تمريره بأغلبية 20 صوتاً مؤيداً وصوتين معارضين، خطوة حتمية وضرورية، لكنها غير كافية للغاية.

إقرأ أيضاً: خامنئي والخلفاء العباسيون

وأضافت رجوي وهي تلمح لأسلوب المراوغة والاحتيال والخداع الذي اتبعه ويتبعه هذا النظام فيما يتعلق ببرنامجه النووي قائلة: "في ظل الوقاحة والتهديدات والانتهاكات المستمرة لقرار مجلس الأمن رقم 2231 من قبل نظام الملالي، فقد حان الوقت لاستخدام آلية الزناد فوراً. ويجب تنفيذ جميع القرارات المتعلقة بالمشاريع النووية للنظام وإحالة القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. هذا إجراء كان ينبغي القيام به قبل ذلك بكثير."

وأشارت رجوي إلى أن تبني سياسة حاسمة ضد نظام الملالي، بما في ذلك استخدام آلية الزناد، وإحالة القضية إلى مجلس الأمن، ووضع النظام تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتصنيف حرس نظام الملالي كمنظمة إرهابية، والاعتراف بمقاومة ونضال وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة ضد الحرس القمعي، أمر ضروري للأمن والهدوء في هذه المنطقة المتأزمة من العالم ولمنع دكتاتورية تروج للحرب من الحصول على قنبلة ذرية.