جاء اختيار صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر المبارك الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة حفظه الله ورعاه لسمو الشيخ صباح الخالد الحمد المبارك الصباح حفظه الله وليّاً للعهد بعد 167 يوماً من جلوس سموه في مسند الإمارة وقبل انقضاء نصف المدة التي حددها الدستور الكويتي لسموه لاختيار ولي عهده.. يُعدُّ سمو الشيخ صباح الخالد من مفاخر بيت الحكم الكويتي العريق، ومن يقرأ سيرته في كل مرحلة من مراحل حياته العملية، سيتوقف عند محطات مضيئة عديدة كان سموه فيها مثالاً حيّاً للاستقامة السلوكية ونظافة اليد وحُسْن الخُلُق والتواضع، إلى جانب التفكير المُنظَّم والدقة في العمل، تشهد له بذلك رئاسته لمجلس الوزراء، حيث لم يكد يتولى مسؤولياته كرئيس للمجلس حتى حلّت بالعالم جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على كل شيء، فأظهر سموه احترافية عالية وحسن تدبير حصيف في إدارة دفّة الحكومة التي شكّلها منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2019.
أصبح سمو الشيخ صباح الخالد أول وليٍّ للعهد من فرع (آل حمد المبارك) منذ تاريخ تعاقب آل مبارك الصباح على الحكم في الكويت، إذ كان مسند الإمارة وفق خط الخلافة التاريخي محصوراً في فرعي (آل جابر المبارك ) و(آل سالم المبارك). وبحسب المؤرخين، فإنَّ الشيخ مبارك بن صباح بن جابر الصباح (مبارك الكبير) حاكم الكويت السابع الذي تولى الحكم خلفاً لأخيه الشيخ محمد بن صباح في السابع عشر من أيار (مايو) عام 1896، وحتى وفاته في الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1915؛ يُعدّ هو المؤسس الحقيقي للكويت، كما أنَّ جميع حكّامها من بعده هم من ذريته (الأبناء وأبناء الأبناء) طبقاً لنص المادة الرابعة من الدستور الكويتي.
وتأتي الزيارة الرسمية الأولى لسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بعد تسعة أيام من تعيين سموه في منصبه إلى المملكة العربية السعودية انطلاقاً من خصوصية العلاقة فائقة التميز التي تجمع السعودية والكويت منذ بواكير نشأتهما، فالتاريخ يشهد على عمق العلاقة بين البلدين الشقيقين على مستوى أسرتي الحكم آل سعود وآل الصباح الكرام وكذلك على مستوى الشعبين... فمن أرض الكويت انطلق صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود مُؤيَداً من الشيخ مبارك الصباح ليستردّ مُلك آباءه وأجداده حتى تحقق له النصر المؤزَّر ودانت له شبه الجزيرة العربية وتوحدت تحت راية واحدة، ومن بيت العرب (الرياض) انطلقت جحافل الحق إنفاذاً لقرار رجل القرارات والسيادة الملك فهد بن عبدالعزيز عندما أعلن بصرامة ونخوة سعودية شمّاء مع بداية غزو الكويت في آب (أغسطس) 1990 قائلاً لأخيه الشيخ جابر الأحمد وللعالم بأسره: "إنَّ السعودية والكويت بلدٌ واحد فإمَّا أن تعود الكويت وتبقى السعودية وإما أن تذهب الكويت والسعودية معاً". فعاد الحق لأصحابه بفضل الله ثم بمناصرة الأشقاء والأصدقاء وجميع الخيّرين والشرفاء في العالم.
إنَّ حجم التفاؤل الذي أبداه الكويتيون بكافة أطيافهم بسمو ولي العهد الجديد لم يخفى على كل ذي عينين مستذكرين أعماله الجليلة ومنجزاته التي قدمها للكويت الأرض والإنسان، كل الأمنيات الصادقة لسموه بالتوفيق والسداد.
التعليقات