أصبحت عودة ترامب حديث الساعة خلال الأيام الأخيرة، خاصة بعدما ربح المعركة الإعلامية أمام منافسه الأوحد الرئيس الحالي جو بايدن في مناظرة من العيار الثقيل، ألمحت إلى تغييرات جذرية داخل البيت الأبيض خلال الفترة المقبلة.

ربما يريد كثيرون من الأميركيين عودة ترامب للرئاسة مجددًا، ووصفوه بالمرشح الأوفر حظًا للرئاسة لعام 2024، وذلك بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير، وتغلبه على آخر منافسيه المتبقين، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة، ومندوبة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي. ورغم أن ترامب لم يفز بالقدر الكافي، إلا أنه حافظ على تقدمه في السباق الرئاسي الحالي نظرًا إلى فوزه الساحق السابق في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا. لذا يعول الأميركيون عليه بسبب برنامجه الاقتصادي، فهم في الأساس يرغبون بالرخاء والقوة وأدنى معدل بطالة وأدنى تضخم وأدنى أسعار، ويرون ذلك في برنامجه، على عكس ارتفاع الأسعار والضرائب في عهد بايدن، خاصة أنَّ الاقتصاد الأميركي كان في حالة جيدة عندما كان ترامب في السلطة قبل تفشي وباء كورونا.

وبعيدًا عن التداعيات الاقتصادية لفوز ترامب، إلا أن عودته إلى البيت الأبيض ستحرك بالتأكيد القضية الفلسطينية. فهل يعزز عملية السلام داخل الأراضي الفلسطينية أم يقوضها؟

إقرأ أيضاً: حماس وسقوط ورقة التوت

يتضح أن تداعيات العودة الترامبية ستكون على العالم كله، وأبرزها على القضية الفلسطينية. فتشير كل التوقعات إلى أنه ربما سيعود منتقمًا من بنيامين نتنياهو، وبالتالي سيوجه دعمًا إلى القضية الفلسطينية وقد يناصر مطالب السلطة الفلسطينية المتمثلة في الرئيس محمود عباس بإقامة دولة فلسطينية وحل الدولتين والعودة لتفعيل اتفاقية أوسلو. هذا رغم أن نتنياهو استفاد على المستوى الشخصي وعلى المستوى الحكومي كثيرًا خلال ولاية ترامب بسبب سياسته المنحازة بشكل واضح وكامل وصريح لصالح المشروع الصهيوني.

ويبدو من السياسة الأميركية التي تنتهجها إدارة ترامب بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أن من المهم الالتزام بحل الدولتين، وإعادة التفكير في الانحياز الكامل والمعلن لصالح الجانب الإسرائيلي، خاصة بشأن ملف الاستيطان.

وتعول حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة كثيرًا على عودة ترامب إلى السلطة، ظنًا منها بالاستمرار في سياسات دعم الحرب على غزة وتعميق الاستيطان، وربما الضغط على مصر في موضوعي تبادل الأراضي مع غزة والسيطرة على محور فيلادلفيا.

إقرأ أيضاً: أصوات غزة تسقط قناع ديمقراطية بايدن

لكن الأكيد أن ترامب فور عودته، سيعمل على استكمال تنفيذ مشروع صفقة القرن. فربما تلوح خطة ترامب للسلام في الأفق مجددًا لوضع حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وسيفلح إن صدق بتشجيع قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ثم إجراء انتخابات ديمقراطية لحكومة فلسطين. وسيكون بإمكان كل مواطن فلسطيني الترشح للانتخابات مع فرض عقوبات على جميع الأطراف الرافضة للصفقة بما في ذلك إسرائيل. وبالتأكيد ترفض إسرائيل تطبيق حل الدولتين وعودة اللاجئين، وسيكون من الصعب إجلاء المستوطنين من أراضي الضفة الغربية.

ورغم ما يثار عن أنه في حالة تولى ترامب رئاسة أميركا من جديد، ستعود القضية الفلسطينية لطرح نفسها على الساحة الدولية أو بوضوح صفقة القرن، إلا أن الفلسطينيين لا يتفاءلون كثيرًا بترامب، لينصفهم ويحقق لهم أمانيهم الوطنية، خاصة بعدما اعترفت إدارته بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لإسرائيل في 2017، ونقل سفارتها إلى القدس، وأيضًا عندما قالت في 2019 إنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة مخالفة للقانون الدولي، الأمر الذي وضع الولايات المتحدة في خلاف مع معظم المجتمع الدولي.

إقرأ أيضاً: إسرائيل واغتيال الطفولة في غزة

وفي ظل استمرار الحرب على غزة لشهرها التاسع واستمرار السياسات الأميركية الداعمة لإسرائيل، إلا أنه قد تتحول هذه الأوضاع قريبًا لتفرز عن سلام شامل للجميع.

وختامًا، هل ستكون سياسة إدارة ترامب بشأن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني شافية لأوجاع الفلسطينيين وهل تنصف قضيتهم؟