منذ انتهاء المسرحيات الانتخابية في إيران وصعود مسعود پزشکیان إلى منصب الرئيس، ظهرت الأزمة والتناقضات في أعلى هرم السلطة بشكل أوضح. النظام السياسي في إيران كان يعيش في ظل أزمة مشروعية وكفاءة قبل الانتخابات، ولكن مع قدوم پزشکیان، لم يُلحظ أي تقدم في هذه المجالات، بل على العكس، استمرت الأزمة وتفاقمت.

تقی آزاد ارمکی، أستاذ الجامعة والمحلل السياسي، أكد في مقابلة حديثة أن النظام يمر بفترة حرجة جدًا، حيث لا تزال مشكلتا الشرعية والكفاءة قائمتين دون حل. أرمکی حذر من أن فشل پزشکیان في التعامل مع هذه الأزمات سيؤدي إلى انفجار الاحتجاجات في الشوارع خلال الأشهر القادمة، وقال في مقابلة حديثة: "إذا لم يعمل پزشکیان بالشكل الصحيح، أؤكد لكم أننا خلال أربعة أشهر سنشهد احتجاجات كبيرة في شوارع طهران، وسيحدث القتل والمذابح في هذا البلد".

النظام الإيراني، الذي دخل مرحلة الانهيار منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2017، أصبح يشعر بالخطر المتزايد مع استمرار هذه التناقضات. منذ احتجاجات 2019، خلص خامنئي إلى أن سلسلة الانتفاضات لن تتوقف، ولذلك أطلق مشروع "التطهير" لإغلاق الفجوات الداخلية ومواجهة الغليان الاجتماعي. لكن رغم هذا، فإن فقدان رئيسي، الذي كان رمزًا لسياسات القمع، جعل النظام أكثر هشاشة.

إقرأ أيضاً: إيران على صفيح ساخن

في محاولة للسيطرة على الوضع، لجأ النظام إلى زيادة عمليات الإعدام والتشديد على القمع في الداخل. في يوم واحد فقط، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 29 شخصًا، کما تم تنفيذ 51 إعداماً في أسبوع واحد فقط وهو أمر يعكس محاولة النظام لكبح أي احتمالات لاندلاع احتجاجات جديدة. هذه الحملة من الإعدامات والاعتقالات لم تكن إلا وسيلة لتأخير الانفجار الشعبي الذي يبدو أنه بات وشيكًا.

في ظل هذه الأجواء المشحونة، أصبح الناس في إيران لا يشيرون إلى حكومة پزشکیان بكلمة "الحكومة" بل يسمونها "حكومة الإعدام". وقد أدى هذا التصعيد إلى إطلاق حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم "#حکومت_اعدامی" تعبيراً عن استياء الشعب من هذا القمع.

إقرأ أيضاً: دفن أوهام الإصلاح: بزشكيان يتعهد بالتشدد ودعم الميليشيات

فالنظام الذي لم يفلح في تحسين الأوضاع المعيشية أو تحقيق الإصلاحات الموعودة، اختار بدلًا من ذلك سياسة الحديد والنار، ما يزيد من احتمالية اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات والإنتفاضة التي قد تكون أشد عنفًا من سابقاتها.

مع تفاقم الانقسامات الداخلية وتصاعد الضغوط الاجتماعية، أصبح من الواضح أن التناقضات الداخلية والخارجية تُشكل تهديدًا وجوديًا حقيقيًا للنظام. هذه التناقضات، إلى جانب حملة القمع المتصاعدة، قد تدفع البلاد إلى مرحلة جديدة من الاضطرابات والانفجارات الشعبية، التي من شأنها أن تُعمّق أزمة النظام وتزيد من عزلته الدولية، مما قد ينتهي بالإطاحة بالنظام، خاصة مع وجود وحدات المقاومة المنتشرة في أرجاء البلاد كالسیف الشاهر.