مرت السياسة الدولية تجاه النظام الإيراني منذ تأسيسه بمراحل مختلفة، ومع أنها في بعض هذه المراحل كانت تتصف في ظاهرها بالتشدد والصرامة إلى حد ما، إلا أنها مع ذلك كانت دون الحد والمستوى المطلوب الذي يجعلها مؤثرة وفعالة بالصورة المطلوبة.

أهم ملاحظة يجب أخذها بعين الاعتبار في السياسة الدولية تجاه النظام الإيراني بمختلف مراحلها، هي أنها كانت ولا تزال تترك، أو بالأحرى تسمح، بثغرات يستغلها النظام الإيراني للحد من فعالية وتأثير هذه السياسة. خصوصًا أنَّ النظام الإيراني قد تمرس باستغلال وتوظيف ليس فقط الثغرات، بل وحتى الأخطاء وقصر النظر في السياسة الدولية المتبعة معه.

الاهتمام والتركيز على موضوع السياسة الدولية تجاه النظام الإيراني هو واحد من أهم المواضيع الحساسة وذات الأهمية البالغة، لأنها تلعب دورًا كبير التأثير من حيث التداعيات السلبية أو الإيجابية على الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم. ولأن السلام والأمن في المنطقة بشكل خاص قد تأثرا سلبًا بسبب هذه السياسة، وإن هذا التأثير السلبي يتزايد عامًا بعد عام حتى وصل أخيرًا إلى مرحلة بالغة الخطورة، فإنه من الضروري جدًا الإقرار بأن قصور هذه السياسة وعدم كونها في المستوى المطلوب، هو الذي منح الفرصة للنظام الإيراني كي يتغول إلى هذا الحد.

من دون أدنى شك، فإن الأوضاع المتوترة السائدة اليوم في المنطقة تعود في مسارها العام إلى تزايد التأثير السلبي للنظام الإيراني على هذه الأوضاع. حيث إن السياسة الدولية، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة حتى الآن، تتميز بنوع من المرونة التي تكاد أن تقترب من الميوعة من حيث تماديها في استرضاء النظام الإيراني ومسايرته. ولذلك فإن النظام الإيراني، في ظل هذه السياسة، تمكن من مواصلة مساعيه ومخططاته المشبوهة حتى أصبحت تهدد الأمن والسلام ليس فقط في المنطقة، بل في العالم بأسره.

أخطاء وعيوب السياسة الدولية، وعدم تميزها بالتأثير والفعالية اللازمة، كان السبب وراء دعوة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الإيرانية، إلى ضرورة تغيير السياسة الدولية تجاه النظام الإيراني. فلم يعد خافيًا على أحد أن هذه السياسة تحمل طابع الاسترضاء والمسايرة للنظام الإيراني، وهو ما لعب دورًا سلبيًا في ضمان بقاء واستمرار هذا النظام. وفي الوقت الذي انتقدت فيه رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بشدة هذه السياسة، قالت في كلمة لها خلال مؤتمر دولي أقيم في باريس في 27 تموز (يوليو) 2024: "في الوقت الذي يحاصر فيه الشعب الإيراني الملالي الحاكمين، وفي حين يتعرض النظام لهجوم من قبل وحدات المقاومة، فإنه ما زال يتمتع بمواصلة سياسة الاسترضاء لمواجهة ظروف إسقاطه". وأضافت، وهي تحدد المجالات المهمة لسياسة الاسترضاء، قائلة: "تحاول هذه السياسة ممارسة الضغط والحد من مقاومة الشعب الإيراني"، وتحت غطاء سياسة الاسترضاء، حصل الملالي على حرية في إثارة الحروب في المنطقة"، كذلك، "تركت هذه السياسة الطريق مفتوحًا أمام النظام لاستخدام أسواق الدول الغربية ووسائل الإعلام في هذه البلدان، وحتى إداراتها الحكومية، لتعزيز سياساته القمعية والمثيرة للحرب".