لا شكَّ في أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها أقوى قوة عسكرية في العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط، تحتفظ بحضور عسكري كبير مع وجود قواتها في أكثر من اثنتي عشرة دولة وعلى متن سفن في جميع أنحاء مياه المنطقة. توسع هذا الوجود في عام 2024 مع تركيز الولايات المتحدة على ردع وهزيمة التهديدات من إيران وشبكتها من الجماعات المسلحة التابعة لها في المنطقة، بما في ذلك حماس في قطاع غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والعديد من الجماعات المسلحة الأخرى التي تتخذ من العراق وسوريا مقراً لها.

ومنذ اندلاع الحرب في تشرين الأول (أكتوبر) 2023 بين حماس وإسرائيل، حليفة الولايات المتحدة وشريكتها الدفاعية، تعرضت القوات الأميركية في الشرق الأوسط لاستهداف متزايد من قبل بعض هذه الجماعات، واستجابت بانتظام بضربات مضادة. اشتعلت الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران ووكلائها على مدى الأشهر العديدة الماضية، وسط تحذيرات من الاحتمالات المتزايدة لحرب أوسع نطاقًا، من المرجح أن تشمل القوات الأميركية.

وفي الوقت نفسه، كانت السفن الأميركية وقوات التحالف تحمي الشحن التجاري في البحر الأحمر وخليج عدن، وتدافع ضد هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية التي أصبحت شبه يومية.

بحلول حزيران (يونيو) 2024، كانت الولايات المتحدة تنشر عدة آلاف من أفراد الخدمة المتمركزين في الشرق الأوسط، وعدة آلاف أخرى على متن السفن البحرية في المنطقة. بالرغم من تقلب الأرقام، تمتلك الولايات المتحدة مرافق عسكرية في تسعة عشر موقعًا على الأقل، ثمانية منها تُعتبر دائمة وفقًا للعديد من المحللين الإقليميين، في دول مثل البحرين، مصر، العراق، إسرائيل، الأردن، الكويت، قطر، السعودية، سوريا، والإمارات.

يستخدم الجيش الأميركي أيضًا قواعد كبيرة في جيبوتي وتركيا، والتي تعد جزءًا من قيادات إقليمية أخرى، لكنها غالبًا ما تساهم بشكل كبير في العمليات الأميركية في الشرق الأوسط.

يبدو أن خريطة للشرق الأوسط تظهر الوجود العسكري الأميركي، بما في ذلك القواعد في العديد من البلدان والانتشارات البحرية، حيث ترتبط جميع الدول المضيفة باتفاقيات قواعد مع الولايات المتحدة باستثناء سوريا، حيث تعارض الحكومة وجود القوات الأميركية.

تستضيف قطر المقر الإقليمي للقيادة المركزية الأميركية، وتستضيف البحرين أكبر عدد من الأفراد الأميركيين المعينين بشكل دائم، وهي موطن الأسطول الخامس للبحرية الأميركية. اعتباراً من أوائل آب (أغسطس)، كانت البحرية الأميركية تمتلك تشكيلات متعددة من السفن الحربية الكبيرة التي تجري عمليات في المنطقة، بما في ذلك مجموعة حاملة طائرات ومجموعة هجومية برمائية.

مؤخرًا، أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة. وصلت "يو إس إس أبراهام لينكولن"، المجهزة بطائرات مقاتلة من طراز "إف-35"، إلى الشرق الأوسط الأربعاء، ما يعزز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.

أُرسلت حاملة الطائرات التي ترافقها مدمرات صواريخ موجهة من منطقة المحيطين الهندي والهادئ كجزء من استعدادات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لدعم إسرائيل ضد هجوم إيراني محتمل، بحسب القيادة المركزية الأميركية.

إقرأ أيضاً: حماس وسقوط ورقة التوت

من الواضح أن هذا الانتشار يأتي في أعقاب أوامر من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي وجه في وقت سابق من هذا الشهر حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" بتسريع عبورها إلى الشرق الأوسط.

تأتي هذه الخطوة ردًا على التهديدات المتصاعدة من جانب حزب الله في لبنان وإيران، اللتين تعهدتا بالرد على إسرائيل بعد اغتيال هنية مؤخرًا في طهران. تنضم لينكولن الآن إلى حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت"، التي كانت في المنطقة منذ منتصف تموز (يوليو)، إلى جانب ثماني مدمرات أميركية أخرى.

في إفصاح نادر، أمر أوستن أيضًا بإرسال الغواصة "يو إس إس جورجيا"، وهي غواصة صواريخ موجهة، إلى الشرق الأوسط. كان آخر اعتراف علني بوجود غواصة أميركية في المنطقة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، في أعقاب هجوم حماس والصراع اللاحق في غزة. من المتوقع أن تصل "يو إس إس جورجيا" قريبًا، مما يضيف إلى القوة البحرية الأميركية المهمة الموجودة بالفعل في المنطقة.

إقرأ أيضاً: تنامي نفوذ السنوار يزيد حرب غزة اشتعالاً

من الواضح أن خطط إيران الانتقامية معلقة حاليًا، حيث لا يزال الوضع غير مستقر. لكن البنتاغون أكد أن القوات الإضافية ليست فقط للردع، بل هي أيضًا وسيلة لتهدئة الوضع إذا لزم الأمر.

في إطار تعزيز قدراتها التكنولوجية، تم تجهيز حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" بنظام ستارلينك من سبيس إكس، الذي يوفر إمكانية الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. وذكرت البحرية أن هذا التحديث أدى إلى تحسين تجربة البحارة بشكل كبير، مما عزز الروح المعنوية والإنتاجية.

تشير هذه التحركات إلى امتلاك الولايات المتحدة للقوات اللازمة في المنطقة للرد على أي تصعيد محتمل، وأن الولايات المتحدة مستعدة لدعم إسرائيل في حال وقوع هجوم وإدارة أي تطورات في المنطقة.