حرب الإبادة الجماعية والانتقام من الشعب الفلسطيني يتصاعدان في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وما تمارسه حكومة الاحتلال المتطرفة من انتهاكات متواصلة على الأراضي الفلسطينية امتدت إلى الضفة الغربية. في ضوء ذلك، بات من المطلوب الآن سرعة التواصل مع الجانب الأميركي باعتباره الأكثر تأثيرًا على الاحتلال. لقد أصبح واضحًا للعالم أجمع أن ما تقوم به حكومة الاحتلال هو عملية انتقامية بحتة ترقى لمستوى جرائم الحرب، ولا علاقة لما يجري بما حدث في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

التعنت الإسرائيلي ورفض الانسحاب من قطاع غزة ومحور "فيلادلفيا" يضعان تحديات صعبة أمام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التي تعد ركنًا أساسيًا للسلام في المنطقة. وجود هذه المعاهدة فتح صفحة جديدة وساهم في الاستقرار والازدهار في المنطقة، والمساس بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية أمر غير مطلوب حاليًا، إذ يضع عملية السلام في مهب الريح. على حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية عدم المغامرة بهذا الأمر، لأن ذلك قد تكون له عواقب وخيمة على المستقبل السياسي في منطقة الشرق الأوسط.

يجب التحرك وضمان العمل على حل سياسي لمسألة محور فيلادلفيا ومعبر رفح من خلال المفاوضات، ولا أحد يراهن على نية حكومة الاحتلال في وقف إطلاق النار. المراهنة الوحيدة تتمثل في إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار، خصوصًا بعد أن صوت مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على إبقاء جنود الاحتلال في محور فيلادلفيا "محور صلاح الدين" كشرط لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. هذا بالرغم من التأكيد المصري على رفض نشر قوات إسرائيلية في محور فيلادلفيا، وأن ذلك الأمر ينتهك بشكل فاضح ويهدد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

إقرأ أيضاً: عدوانية "بن غفير" المثيرة للجدل

الاحتلال ومنظومته الأمنية والعسكرية والسياسية يريدون استغلال الفرصة لتصفية الكوادر الفلسطينية، وجعل الوضع في الضفة الغربية غير قابل للاستمرار في الحياة بعد أن دمرت إسرائيل غزة وجاء الدور على الضفة الغربية والأقصى، الذي أصبح مهددًا بكنيس يهودي. الأهم أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يطلق العنان لمشروع اليمين المتطرف للإجهاز على الشعب الفلسطيني وتهجيره والاستيلاء على أرضه.

في ضوء ما كشف من وثائق، بات واضحًا أن نتنياهو وحكومته المتطرفة كانوا يعلمون، وفقًا لأكثر من مصدر، بوقائع ما حدث قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ولم يحركوا ساكنًا، وخاصة بعد تصريحات زعيم المعارضة يائير لابيد الذي قال إنَّ الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو تلقت "سلسلة من التحذيرات الخطيرة غير المسبوقة" حول تدهور وشيك في أمن إسرائيل قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، لكنها فشلت في التصرف بناءً عليها. أصبح من الواضح أن المخطط الإسرائيلي لا علاقة له بطوفان الأقصى، وأن الاحتلال لا يحتاج إلى مبررات لتنفيذ عدوانه وسرقة الأرض وتهجير الشعب الفلسطيني.

إقرأ أيضاً: إحراق الأقصى وجرائم الاحتلال

في ضوء تطورات الأحداث المتصاعدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يجب على المجلس الوزاري للجامعة العربية التدخل العاجل وبحث الوضع الفلسطيني وما يجري في الأراضي الفلسطينية. الدور الذي تقوم به الجامعة العربية هو دور سياسي لتعبئة الرأي العام العالمي بشأن ما يجري في غزة، ومساندة وتفهم الموقف الفلسطيني الذي يؤيده الموقف العربي. أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة لا تؤدي الدور المتوقع منها في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ انحازت إلى الموقف الإسرائيلي، وهو ما يضعنا جميعًا في مأزق كبير.