منذ احتلال العدو الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948، وهو يرتكب جرائمه بحق المدنيين العزّل الأبرياء ممن لم يتم تهجيرهم إلى خارج الوطن. جرائم بشعة وإبادات جماعية يندى لها الجبين. ومنذ "النكبة"، والمقاومة الفلسطينية تدافع عن أرضها بما أوتيت من قوة. ومنذ ذلك التاريخ، تتطور المقاومة وتتحسن في أساليب القتال، وتقنيات الجهاد، وتكتيكات الحرب حتى وصلت اليوم إلى جاهزية كبيرة. حيث أصبحت تملك آلاف المقاتلين المدربين تدريباً عالياً، وأصبحوا يصنعون أسلحة فتاكة محلية لم تكن تخطر ببال الكيان الصهيوني.
لقد أبهرت المقاومة الباسلة في غزة والضفة العالم، وأرعبت إسرائيل، وقذفت في قلوب جيشها الرعب. أصبحت المقاومة تكبّد الكيان المحتل خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وقد مرّ قرابة أحد عشر شهراً من الحرب، ولم تتمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها المُعلنة: القضاء على حركة المقاومة وتحرير أسراها بالقوة واحتلال القطاع.
إقرأ أيضاً: الاستعمار ووراثته
مُنيت إسرائيل بهزيمة نكراء في غزة، رغم امتلاكها جيشاً كبيراً عدداً وعدّة. آلاف من جنودها يُقتلون ويُجرحون، ومئات من دباباتها وناقلات جنودها المصفحة الحديثة تُدمر، علاوة على جرافاتها ومعداتها الأخرى. اليوم، إسرائيل في حيرة من أمرها فيما يتعلق بحربها على غزة، الحرب التي كلّفتها المليارات من الدولارات، والتي شلّت اقتصادها. لقد أنهكت هذه الحرب جنودها، الذين يصرحون بعدم قدرتهم على تحقيق أي من الأهداف التي سطّرها مسؤولوهم السياسيون، لأن الأمور معقدة في غزة. رجال المقاومة منتشرون في كل مكان، فوق الأرض وتحت الأرض، وبين ركام البيوت المدمرة وبين الأشجار. يعرفون جغرافيا المنطقة وتضاريسها بدقة متناهية، ويخرجون للجنود من حيث لا يحتسبون. يزرعون العبوات الناسفة في الطرقات، ويلغّمون المنازل لاستهداف الجنود الذين يحتمون بداخلها.
تستخدم حركة المقاومة أساليب متنوعة ومختلفة في القتال لم يعهدها الكيان من قبل. يقوم رجال غزة الأبطال باستنزاف الجيش الإسرائيلي ويتوعدون بأنهم مستعدون لحرب طويلة الأمد بنفس الإرادة والقوة. يؤكدون أن لديهم أسلحة لم يتم استخدامها بعد في هذه الحرب.
إقرأ أيضاً: صفقة القرن واتفاقية أبراهام إلى الفشل
إن بسالة المقاومة وإيمانها بقضيتها العادلة وإصرارها على الانتقام لشهدائها جعلها مصرة على مواجهة الكيان في ميدان الحرب داخل غزة وفي كل أرجائها حتى تحقق النصر وتدحر الكيان من غزة بالكامل. وترغم إسرائيل على الرضوخ للشروط التي وضعتها حماس، ومنها إيقاف الحرب على الشعب في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وفتح المعابر، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى الأهالي، والتفاوض على تبادل الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.
ستنتصر حماس وفصائل المقاومة عاجلاً أم آجلاً، لإدراكها أن الجيش الإسرائيلي غير مؤهل لخوض حرب طويلة الأمد. فهو يخوض حرب استنزاف لا يقوى على تحمل تبعاتها، خاصةً أنه يواجه رجالاً يُتقنون فنون حرب الشوارع التي لا يفقه فيها الكيان شيئاً.
التعليقات