تتفاقم تداعيات الحرب المأساوية، والتهجير القسري الجماعي، وانعدام الأمن الغذائي المتزايد في غزة، بسبب الممارسات القمعية من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يرتكب أبشع جريمة ضد الإنسانية، بمنع توريد المساعدات الإنسانية وإيصالها لسكان غزة. تسبب ذلك في شبه مجاعة، إلى جانب انهيار المنظومة الصحية، وعجز المستشفيات عن تلبية احتياجات عدد كبير من السكان، الذين يعانون من الإصابات والأمراض.
إن الوقف الفوري لإطلاق النار أمر ضروري لتأمين حماية المدنيين، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية. وقف التصعيد والعنف والعدوان يعد أمرًا حيويًا لتوفير الإغاثة الإنسانية الكافية، مع الالتزام الصارم بالقوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان. الوضع الإنساني في غزة «كارثي»، والاحتلال يواصل انتهاك القانون الإنساني الدولي بشكل صارخ، مستهدفًا المدنيين والبنية التحتية للرعاية الصحية بشكل مباشر، حيث أصبحت إحصاءات الوفيات والإصابات مفزعة.
فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا شاملاً على قطاع غزة، مما أدى إلى نقص كبير في الوقود والغذاء والأدوية والمياه والإمدادات الطبية الأساسية. أدى هذا الحصار إلى انخفاض توفر الكهرباء بنسبة 90 بالمئة، مما أثر على إمدادات الطاقة في المستشفيات ومحطات الصرف الصحي، وتسبب في إغلاق محطات تحلية المياه.
إقرأ أيضاً: انسحاب منظمات الإغاثة ومصير شمال غزة
وانتشرت حالات تفشي الأمراض على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة. القصف العنيف من قبل الغارات الجوية الإسرائيلية ألحق أضرارًا كارثية بالبنية التحتية. أظهرت صور أقمار صناعية حللها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة أن 35 بالمئة من المباني في قطاع غزة دُمرت أو تضررت بسبب الحرب الإسرائيلية.
افتقار غزة إلى المياه النظيفة والصرف الصحي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالكوليرا، وغيرها من الأمراض المعدية القاتلة. توقفت محطات ضخ مياه الصرف الصحي ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي عن العمل، وتراكمت النفايات الصلبة والجثث غير المدفونة، مما أدى إلى انتشار الأمراض.
إقرأ أيضاً: ماذا فعل العرب لوقف الحرب؟
بسبب نقص مياه الشرب النظيفة، كان سكان غزة يشربون المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي ومياه البحر ومياه المزارع، وهي مصدر رئيسي آخر للأمراض. وأظهر بيان صادر عن وزارة الصحة في غزة أن 3,150 حالة إصابة بمرض ناجم عن شرب المياه الملوثة، معظمهم من الأطفال. نقص الإمدادات الطبية كان مشكلة أخرى، وأدى الجوع إلى الإصابة بالفشل الكلوي بسبب استهلاك المياه المالحة والجفاف.
الوضع الإنساني على الأرض مأساوي، وفاقت المستشفيات قدرتها الاستيعابية، وكلها تعاني من نقص المستلزمات الطبية والأدوية. ساهمت الغارات الجوية والانفجارات المتواصلة في تدمير الحالة النفسية للأطفال، الذين أصيبوا بصدمات شديدة شملت أعراضها التشنج والعدوان والتبول في الفراش والعصبية.
جاء قرار الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بإخلاء 22 مستشفى في شمال غزة كأنه «حكم بالإعدام» على المرضى والجرحى، بما في ذلك الأطفال حديثي الولادة في وحدة العناية المركزة، المعرضين للموت في كل لحظة.
إقرأ أيضاً: هل يقود الحراك السياسي بريطانيا إلى الاعتراف بدولة فلسطين؟
الحصار طويل الأمد، بكل آثاره السلبية على الحياة اليومية في غزة، أدى إلى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي. تتفاقم الأزمة يومًا بعد يوم، خصوصًا مع دخول فصل الشتاء، الذي تشتد فيه المعاناة بسبب نقص الملابس الثقيلة وتواجد سكان غزة في مخيمات يحاصرها البرد من كل اتجاه.
رغم المعاناة غير المسبوقة، يبذل بعض الأفراد قصارى جهدهم لدعم أهالي غزة وتقديم يد العون في ظل الظروف المأساوية التي يعاني منها القطاع، في محاولة لتخفيف وطأة العذاب الناجم عن العدوان الإسرائيلي، وسط عجز تام من جانب المجتمع الدولي عن وقف ممارسات الاحتلال اللاإنسانية.
التعليقات